وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ لذلك قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين فإن عبد اللَّه بن نافع ثقة. لكن أعله غير واحد؛ فقال أبو داود بعد إخراجه: وكير ابن نافع يرويه عن الليث عن عميرة بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال أبو داود: وذكر أبي سعيد في هذا الحديث ليس بمحفوظ، وهو مرسل. وقد أعله -أيضًا- النسائي، والدارقطني حيث قال بعد روايته: وخالفه ابن المبارك وغيره؛ ثم رواه من طريق ابن المبارك عن ليث عن بكر عن عطاء مرسلًا. أقول: والطريق الذي ذكره أبو داود رواه الحاكم (١/ ١٧٩)، والبيهقي (١/ ٢٣١) من طريق يحيى بن بكير عن الليث بن سعد. ويحيى بن بكير هذا من ثقات أصحاب الليث، وأما عبد اللَّه بن نافع الذي عليه مدار الحديث فهو عبد اللَّه بن نافع الصائغ، وقد تكلم في حفظه غير واحد منهم أحمد، وأبو حاتم، والبخاري، وابن حبان، وقد خالفه فيما وقفنا عليه اثنان يحيى بن بكير، وابن المبارك، وهما أوثق منه بدرجات. ثم وجدت ابن القطان يفيد في "الوهم والإيهام" (٢/ ٤٣٢ - ٤٣٤ رقم ٤٤٠) أن الذي أسنده أسقط في الإسناد رجلًا، وهو عميرة فيصير منقطعًا، والذي يرسله فيه مع الإرسال عميرة، وهو مجهول الحال، لكن رواه أبو علي بن السكن: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي حدثنا عباس بن محمد حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا الليث عن عمرو بن الحارث، وعميرة بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة عن عطاء عن أبي سعيد. . . قال: فوصله ما بين الليث وبكر بعمرو بن الحارث وهو ثقة. وقد ذكر نحو كلامه هذا الزيلعي في "نصب الراية" (١/ ١٦٠) وابن حجر في "التلخيص" (١/ ١٥٥). أقول: لكن رواه النسائي في "سننه" (١/ ٢١٣) من طريق سويد بن نصر (وهو راوية ابن المبارك) عن ابن المبارك عن الليث عن عميرة عن بكر عن عطاء مرسلًا! وعميرة بن أبي ناجية هذا ليس مجهولًا؛ كما قال ابن القطان بل وثقه النسائي وابن حبان؛ لكن رجع الحديث إلى الإرسال؛ فينظر في رواية ابن السكن تلك. قال البيهقي: وفيه اختلاف ثالث؛ ثم رواه من طريق أبي داود، وهذا في "سننه" (٣٣٩) عن القعنبي عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي عبد اللَّه مولى إسماعيل بن عبيد عن عطاء بن يسار مرسلًا. قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (٢/ ٤٣٤) بعد هذا الطريق: "أليس هذا يعطي انقطاعًا آخر فيما بين بكر وعطاء برجل مجهول، وهو أبو عبد اللَّه مولى إسماعيل؟ قلنا: هذا لا يلتفت إليه لضعف رواية ابن لهيعة".