للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين ضرورة (١)، وكل ما ليس من الدين فهو باطل؛ فليس بعد الحق إِلَّا الضلال؛ [وقد] (٢) قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣]، فالذي أكمله اللَّه [سبحانه] (٢) وبيَّنه هو ديننا، لا دينَ لنا سواه، فأين فيما أكمله لنا: قِيسوا ما سَكَتُّ عنه على ما تكلمت بإيجابه أو (٣) تحريمه أو (٣) إباحته سواء كان الجامع بينهما علة، أو دليل علة، أو وصفًا شَبيهًا، فاستعملوا ذلك [كُلَّه] (٤) وانْسُبُوه إليَّ وإلى رسولي وإلى ديني، واحكموا به علي.

قالوا: وقد أخبر سبحانه {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: ٣٦]، وأخبر رسوله: "أن الظَّنَّ أكذبُ الحديث" (٥)، ونهى عنه، ومن أعظم الظَّن ظَنُّ القياسيين؛ فإنهم ليسوا على يقين أن اللَّه سبحانه [وتعالى] (٦) حَرَّم بيع السِّمسم بالشيرج، والحلوى بالعنب، والنشا بالبُرِّ، وإنما هي ظنون مجردة لا تغني من الحق شيئًا.

قالوا: وإنْ لم يكن قياس (الضُّرَاط) على (السلام عليكم) من الظن الذي نهينا عن اتباعه وتحكيمه، وأخبرنا أنه لا يغني من الحق شيئًا فليس في الدنيا ظن باطل، [فأين الضُّرَاط من "السلام عليكم"؟] (٧)، وإن لم يكن قياس الماء الذي لاقى الأعْضَاء الطاهرة الطيبة عند اللَّه في إزالة الحدث على الماء الذي لاقى أخْبَثَ العذرات والميتات والنجاسات، ظنّا فلا ندري ما الظَّنُّ الذي حرم اللَّه [سبحانه] (٦) القولَ به، وذمَّه في كتابه وسَلَخه من الحقِّ، وإنْ لم يكن قياس


(١) في (ن): "أنه من الدين ضرورة، فليس من الدين".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) في (ك) و (ق): "و".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٥) رواه البخاري (٥١٤٣) في (النكاح): باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع، و (٦٠٦٤) في (الأدب): باب ما يُنهى عن التحاسد والتدابر، و (٦٠٦٦) في باب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ}، و (٦٧٢٤) في (الفرائض): باب تعليم الفرائض، ومسلم (٢٥٦٣) في (البر والصلة): باب تحريم الظن والتجسس. . . من حديث أبي هريرة.
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق)، وفي (ك): "بابطال الضراط في السلام عليكم".
وفيه إيماء إلى أنَّ مذهب الحنفية في عدم ركنية السلام مرجوح، إذ عندهم من خرج من الصلاة بالضراط، سقطت من ذمته، وليس مدرك المسألة عندهم على القياس، قال ابن العربي، "وكان شيخنا فخر الإسلام ينشدنا في الدرس:
ويرى الخروج من الصلاة بضرطةٍ ... أين الضراط من السلام عليكم"
انظر تفصيل ذلك في "تفسير القرطبي" (١/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>