للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعداء اللَّه ورسوله من عُبّاد الصُّلّبان واليهود الذين (١) هم أشد الناس عداوة للمؤمنين على أوليائه، وخيار خَلْقه، وسادات الأمة وعلمائها، وصلحائها في تكافؤ دمائهم وجَرَيان القِصاص بينهم، فليس في الدنيا ظَنٌّ يُذَمُّ أتباعه.

قالوا: ومن العجب أنكم قِسْتُم أعداءَ اللَّه على أوليائه في جَرَيان القصاص بينهم، فقلتم: ألف ولي للَّه قتلوا نصرانيًا واحدًا يُجَاهرهم بسبِّ اللَّه ورسوله، وكتابه [علانيةً] (٢)، ولم تقيسوا مَنْ ضربَ [رأسَ رجل] (٣) بدبوس فَنَثَر دماغَه بين يديه على مَنْ طعنه بمسَلّة فقتله.

قالوا: وسُنبيِّن لكم من تناقض أقيستكم واختلافها وشدة اضطرابها ما يُبيّن أنه من عند غير اللَّه (٤).

قالوا: واللَّه تعالى (٥) لم يَكِلْ بيانَ شريعَتِهِ إلى آرائنا (٦) وأقيستنا واستنباطنا، وإنما وَكَلَها إلى رسوله المبيِّنِ عنه، فما بيَّنه عنه وَجَبَ اتِّباعه، وما لم يبيِّنه فليس من الدين، ونحن نُنَاشدكم اللَّه: هل اعتمادكم في هذه الأقيسة الشّبَهية والأَوصاف الحَدْسِيّة التخمينية على بيان الرسول أم على آراء الرجال وظنونهم وحدسهم؟ قال اللَّه تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، فأين (٧) بيَّن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أني إذا حرمتُ شيئًا أو أوجبته أو أبحتُه، فاستخرجوا وصفًا ما شبهيًا (٨) جامعًا بين ذلك وبين جميع ما سكتُ عنه، فألحقوه به، وقيسوا عليه.

قالوا: واللَّه تعالى (٩) قد نَهى عن ضَرْب الأمثال له، فكما لا تُضرب له الأمثال لا تُضرب لدينه، وتمئيل ما لم ينص على حُكمه بما نَصَّ عليه لِشَبهٍ (١٠) مَّا ضربُ الأمثال لدينه، وهذا بخلاف ما ضربه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأمثال في كثير من الأحكام التي سُئل عنها، كما أمرهم بقَضَاء الصلاة التي نامُوا عنها، فقالوا: ألَّا نصلِّيها لوقتها من الغد؟ فقال: "أينهاكم عن الرِّبا ويَقْبَله منكم" (١١)، وكما قال


(١) في المطبوع: "الذي"!!
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٣) في (ق): "رجلًا".
(٤) في (ن): "أنها ليست من عند اللَّه".
(٥) في (ق): "سبحانه".
(٦) في (ك) و (ق): "رأينا".
(٧) في (ق) و (ك): "فإن".
(٨) في (ق): "شبهًا".
(٩) سقط من (ق).
(١٠) في (ق) و (ك): "كتشبيه".
(١١) رواه أحمد (٤/ ٤٤١)، وعبد الرزاق (٢٢٤١)، والدارقطني (١/ ٣٨٥، ٣٨٧)، وابن حزم في "الإحكام" (٧/ ١٠٨)، وابن خزيمة (٩٩٤)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٤٠٠)، وابن حبان (١٤٦٢)، والبيهقي في "السنن" (٢/ ٢١٧) من طرق عن الحسن =

<<  <  ج: ص:  >  >>