للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد مرة لم تحد، ولو تقايأ (١) الخمر كل يوم لم يُحد؛ فتركتم محض القياس والثابت عن الصحابة [-رضي اللَّه عنهم-] (٢) ثبوتًا لا شك فيه من الحد بالحبل ورائحة الخمر (٣).

وقلتم: لو شهد عليه أربعة بالزنا فطعن في عدالتهم حُبس إلا (٤) أن يُزكى الشهود، ولو شهد عليه اثنان بمالٍ فطعن في عدالتهما لم يحبس قبل التزكية؛ فتركتم محض القياس وقستم دعوى المرأتين الولد وإلحاقه بهما وجعلهما أُمَّيْنِ له على دعوى الرجلين، وهذا من أفسد القياس؛ فإن خروج الولد من أمين معلوم الاستحالة، وتخليقه من ماء الرجلين ممكن بل واقع، كما شهد به القَائِف عند عمر وصَدَّقه (٥).

وقلتم: لو قال لأجنبي: "طلِّقِ امرأتي" فله أن يطلّق في المجلس وبعده، ولو قال لامرأته: "طلقي نفسك" فلها أن تطلق [نفسها] (٦) ما دامت في المجلس، ثم فرقتم بينهما بأن "طلقي نفسك" تمليكٌ لا توكيل؛ لاستحالة أن يكون [الإنسان] (٧) وكيلًا في التصرت لنفسه فيقيَّد بالمجلس، وأما بالنسبة إلى الأجنبي فتوكيل فلا يتقيد، [وهذا الفرق] (٦) دعوى مجردة ولم تذكروا (٨) حجة على أن قوله: "طلِّقي نفسك" تمليك، وقولكم: "الوكيل لا يتصرف لنفسه" جوابه له أن


(١) في (ق): "تقيأ".
(٢) ما بين المعقوفتين من (ق).
(٣) مضى تخريج هذه الآثار المشار إليها.
(٤) في (ق): "إلى".
(٥) أخرج الدينوري في "المجالسة" (رقم ٢٠٨٥ - بتحقيقي) بسنده إلى الأصمعي قال: "اختصم رجلان إلى عمر بن الخطاب في غلام كلاهما يدَّعيه، فسأل عمر أمّه، فقالت: غشيني أحدُهما ثم هرقت ماءً، ثم غشيني الآخر، فدعا عمر قائفين فسألهما، فقال أحدهما: أعلن أم أسر؟ قال: بل أسر قال: اشتركا فيه، فضربه عمر حتى اضطجع، ثم سأل الآخر، فقال مثل قوله، فقال: ما كنت أرى هذا يكون وقد علمت أن الكلبة تسفدها الكلاب، فتؤدي إلى كل فَحْل نَخلَهُ".
وإسناده ضعيف، وهو معضل.
وعلقه ابن قتيبة في "عيون الأخبار" (٢/ ٨١ - ٨٢ - ط دار الكتب العلمية) عن الأصمعي أيضًا.
وفي (ق) و (ك): "عند عمر فصدقه".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ن) و (ك).
(٨) في (ق) و (ك): "ولم يذكروا".

<<  <  ج: ص:  >  >>