للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصورها، كيف استجاز المستجيز تقديمها على السُّنن والآثار؟ [واللَّه المستعان] (١).

وأجزتم شهادة الفَاسِقَيْن والمحدُودَيْن في القذف والأعميَيْن في النكاح، ثم ناقضتم فقلتم: لو شهد فيه عَبْدان صالحان عالمان يُفْتيان في الحلال والحرام لم يصح النكاح ولم ينعقد بشهادتهما؛ فمنعتم انعقاده بشهادة من عَدَّلَهُ اللَّه ورسوله [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (١) وعقدتموه بشهادة من فَسَّقَهُ اللَّه ورسوله ومنع من قبول شهادته.

وقلتم: لو شهد شاهد على زيد أنه غصب عمرًا مالًا اْو شَجَّه أو قذفه وشهد آخر بأَنه أقر بذلك ولم يتم النصاب لم يقض عليه بشيء (٢)، ولو شهد شاهد بأنه طَلَّق امرأته أو أعْتَقَ عبده أو باعه وشهد آخر بإقراره بذلك تمت الشهادة وقُضي عليه.

وقلتم: لو قال له: "بعتك هذا العبد [بألف] (٣) " فإذا هو جارية أو بالعكس فالبيع باطل؛ فلو قال: "بِعتُك هذه النعجة بعشرة" فإذا هي كبشٌ أو بالعكس فالبيع صحيح، ثم فرَّقتم بأن قلتم: المقصودُ من الجارية والعبد مختلف، والمقصود من النعجة والكبش متقارب وهو اللحم، وهذا غير صحيح؛ فإن الدَّر والنَّسل المقصود من الأنثى لا يوجد في الذكر، وعسب الفحل وضرابه المقصود منه لا يوجد في الأنثى، ثم ناقضتم أبْيَنَ مناقضة بأن قلتم: لو قال: "بعتك هذا القمح" فإذا هو شعير أو "هذه الألية" فإذا هي شحمٌ لم يصح البيع مع تقارب القصد.

وقلتم: لو باعه ثوبًا من ثوبين لم يصح البيع لعدم التعيين، فلو كان (٤) ثلائة أثواب فقال: "بعتك واحدًا منها" صح البيع؛ فياللَّه العجب! كيف أبطلتموه مع قلة الجهالة والغرر وصححتموه مع زيادتهما؟ [أفترى زيادة] (٥) الثوب الثالث خففّت الغرر ورفعت الجهالة (٦)؟ وتفريقكم بأن العقد على واحد من اثنين يتضمن الجهالة والتغرير لأنه قد يكون أحدهما مرتفعًا والآخر رديئًا فيُفضي إلى التنازع والاختلاف، فإذا كانت ثلاثة فالثلاثة تتضمن الجيد والرديء والوسط، فكأَنه قال:


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ق) و (ك): "أقر بذلك لم يتم النصاب ولم يقص عليه بشيء".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) في المطبوع و (ن): "فلو كانت".
(٥) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "فزيادة" وفي (ك): "أقوى فزيادة".
(٦) في (ق) و (ك): "ورفعته".

<<  <  ج: ص:  >  >>