للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا أقام الأكثر مقام الكل, والذي جاءت به الشريعة هو الميزان العادل، لا هذا الميزان العائل، وباللَّه التوفيق.

وقستم الادِّهَانَ بالخل والزيت في الإحرام على الادهان بالمسك والعنبر في وجوب الفدية، ويا بُعد ما بينهما، ولم تقيسوا نبيذ التمر على نبيذ العنب مع قرب الأخوة التي بينهما.

وقلتم: لو أفطر في نهار رمضان فلزمته الكفارة ثم سافر لم تسقط عنه؛ لأَنَّ سفره قد يُتخذ وسيلة وحيلة إلى إسقاط ما أوجب الشرعُ، فلا تسقط (١)، وهذا بخلاف ما إذا مرض أو حاضت المرأة فإن الكفارة تسقط؛ لأن الحيض والمرض ليس من فعله، ثم ناقضتم أعظم مناقضة فقلتم: لو احتال لإسقاط الزكاة عند آخر الحول فملَّك ماله لزوجته (٢) لحظة فلما انقضى الحول استرده منها، واعتذاركم بالفرق -بأن هذا تحيُّل على [منع الوجوب، وذاك تحيل على] (٣) إسقاط الواجب بعد ثبوته، والفرق بينهما ظاهر- اعتذار (٤) لا يجدي شيئًا، فإنه كما لا يجوز التحيل لإسقاط ما (٥) أوجبه اللَّه [ورسوله] (٣) لا يجوز التحيل لإسقاط أحكامه بعد انعقاد أسبابها ولا تسقط بذلك.

وإذا انعقد سبب الوجوب لم يكن للمكلف إلى إسقاطه (٦) بعد ذلك سبيل، وسبب الوجوب هنا قائم (٧) وهو الغِنَى بملك النِّصاب، وهو لم يخرج عن الغِنَى بهذا التحيّل. ولا يَعدُّه اللَّه ولا رسوله ولا أحد من خلقه ولا نفسه فقيرًا مسكينًا بهذا التحيل يستحق (٨) أخذ الزكاة ولا تجب عليه الزكاة.

هذا من أقبح الخداع والمكر، فكيف يَروجُ على من يعلم خفايا الأمور وخبايا (٩) الصدور؟ وأين القياس والميزان والعدل الذي بعث اللَّه به [رسله من] (١٠) التحيّل على المحرمات وإسقاط الواجبات؟ وكيف تخرج الحيلة المفسدة التي في العقود المحرمة عن كونها مفسدة؟ أم كيف [يقلبها] (١١) مصلحة محضة ومن


(١) في (ق): "يسقط".
(٢) في (ق): "زوجته".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٤) في (ق) و (ك): "اعتذارًا"!
(٥) في (ق): "من".
(٦) في المطبوع و (ن): "لم يكن للمكلف لإسقاطه".
(٧) في (ق) و (ك): "وسبب الوجوب في هذا قائم".
(٨) في (ق) و (ك): "فيستحق".
(٩) في (ك): "وخفايا"
(١٠) في (ق) و (ك): "رسوله إلى".
(١١) في المطبوع و (ن): "يقلل بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>