للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يضبطون مذاهبهم ويحصرونها بجوامع تحيط بما يَحلُّ ويَحرمُ عندهم مع قصور بيانهم فاللَّه ورسوله المبعوث بجوامع الكلم أقدر على ذلك، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأتي بالكلمة الجامعة وهي قاعدة عامة وقضية كليَّة تجمع أنواعًا وأفرادًا وتدل دلالتين دلالة طرد ودلالة عكس.

وهذا كما سئل -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه عن أنواع من الأشربة كالبتْع والمِزْر (١)، وكان قد أوتي بجوامع الكلم فقال: "كل مسكر حرام" (٢)، و"كُلُّ عملٍ ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ" (٣)، و"كُل قرضٍ جر نفعًا فهو ربا" (٤)، و"كُلُّ شرطٍ ليس في كتاب اللَّه فهو


(١) "البتع": بكسر فسكون: أي: كعنب نبيذ العسل المشتد أو سلالة العنب، والمزر: نبيذ الذرة والشعير" (و).
(٢) أخرجه البخاري في "الصحيح" (كتاب المغازي): باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع (٨/ ٤٣٤٣/٦٢ و ٤٣٤٤ و ٤٣٤٥)، من حديث أبي موسى.
وفي "صحيح البخاري" (كتاب الأشربة): باب الخمر من العسل (١٠/ ٤١/ ٥٥٨٥)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرام (٣/ ١٥٨٥/ ٢٠٠١) عن عائشة قالت: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن البِتْع؟ فقال: "كل شراب أسكر؛ فهو حرام".
وأخرجه مسلم برقم (٢٠٠٢) عن جابر مرفوعًا بلفظ: "كل مسكر حرام"، وبرقم (٢٠٠٣) عن ابن عمر مرفوعًا: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام".
(٣) أخرجه البخاري في "الصحيح" (كتاب الصلح): باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (٥/ ٣٠١/ رقم ٢٦٩٧)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الأقضية): باب نقض الأحكام الباطلة، وردّ محدثات الأمور (٣/ ١٣٤٣/ رقم ١٧١٨) بلفظ: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد"، وورد بلفظ: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"، علقه البخاري في "صحيحه" (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة): باب إذا اجتهد العامل (١٣/ ٣١٧)، ووصله مسلم في "صحيحه" (كتاب الأقضية): باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (٣/ ١٣٤٣ - ١٣٤٤).
وانظر: "فتح الباري" (٥/ ٣٠٢)، و"تغليق التعليق" (٣/ ٣٩٦ و ٥/ ٣٢٦).
(٤) أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (رقم ٤٣٧ - زوائده)، وأبو الجهم الباهلي في "جزئه" (ق ٦٣/ أ/ ب أو رقم ٩٢ - ط الرشد) والبغوي في "حديث العلاء بن مسلم" (ق ٢٨٠) -كما في "الإرواء" (٥/ ٢٣٥) - من طريق سوار بن مصعب عن عمارة الهمداني عن علي.
قال ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق": "هذا إسناد ساقط وسوار متروك الحديث"، وكذا قال السخاوي، وابن حجر في "التلخيص" (٣/ ٣٤)، وتبعه الشوكاني في "النيل" (٥/ ٢٣٢)، وقال البوصيري في "إتحاف المهرة" (٣/ ٣٤/ ب): "وهذا إسناد ضعيف، لضعف سوّار بن مصعب الهمذاني، وله شاهد وهو موقوف على نضلة بن عبيد، ولفظه: =

<<  <  ج: ص:  >  >>