للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أُمرت أن أقاتلَ النَّاسَ حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه، فإذا قالوها عَصموا مِنِّي دِماءَهم وأَموالَهم إلا بحقها" قتال مانعي الزكاة حتى بَيّن له الصديق فأقرَّ به (١)، وفهم قُدامة بن مَظْعون من قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: ٩٣] رفع الجُناح (٢) عن الخَمْر حتى بَيَّن له عمر أنه لا يتناول الخمر (٣)، ولو تأمَّل سياق الآية لفهم المراد منها، فإنه إنما رفع الجُناح عنهم فيما طعموه مُتَّقين له فيه، وذلك إنما يكون باجتناب ما حَرَّمه من المطاعم؛ فالآية لا تتناول المحرَّم بوجه ما، وقد فهم من قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] انغماس الرجل في العدو حتى بَيَّن له (٤) أبو أيوب الأنصاري أن هذا ليس من الإلقاء بيده إلى التَّهلُكة، بل هو من بيع الرجل نفسه ابتغاء مرضات اللَّه، وأن الإلقاء [بيده] (٥) إلى التهلكة هو الإقبال على الدنيا وعمارتها وترك الجهاد (٦)، وقال الصِّدِّيقُ -رضي اللَّه عنه-: أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية وتَضَعُونها على غير مواضعها (٧): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: ١٠٥] وإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنَّ الناس إذا


(١) انظر تفصيل ذلك عند البخاري في "الصحيح" (كتاب الزكاة): باب وجوب الزكاة (٣/ ٢٦٢/ رقم ١٣٩٩، ١٤٠٠)، و (كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم): باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة (١٢/ ٢٧٥/ رقم ٦٩٢٤، ٦٩٢٥) مع كلام الشارح ابن حجر في "الموطن الثاني"، وانظر "مسند الفاروق" (٢/ ٦٧٢ - ٦٧٣) لابن كثير رحمه اللَّه.
(٢) في (ق): "أنه رفع للجناح".
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة وابن المنذر بنحوه؛ كما في "الدر المنثور" (٣/ ١٧٤)، والقاضي إِسماعيل في "الأحكام"، وابن شبة في "تاريخ المدينة" (٣/ ٨٤٢ - ٨٤٤)، والبيهقي في "الكبرى" (٨/ ٣١٥)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٥/ ٥٦).
(٤) في (ق): "لهم".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) رواه أبو داود (٢٥١٢) في (الجهاد): باب في قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} والترمذي (٢٩٧٢) في "التفسير": باب ومن سورة البقرة، والطبري (٣١٧٩)، و (٣١٨٠)، والطبراني في "الكبير" (٤٠٦٠)، والحاكم (٢/ ٢٧٥)، والبيهقي (٩/ ٩٩) من طريق يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبى عمران قال:. . . فذكر قصة أبي أيوب وذاك الرجل وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وفي (ك): "هو ترك الجهاد والإقبال على الدنيا وعمارتها".
(٧) في (ق): "موضعها".

<<  <  ج: ص:  >  >>