للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاستغفار عقيب توفيته ما عليه من تبليغ الرسالة والجهاد في سبيله حين دخل الناس في دينه أفواجًا، فكأنَّ التبليغَ عبادةٌ قد أكملها وأدَّاها، فشُرع له الاستغفارُ عقيبها، والمقصود تفاوت الناس في مراتب الفهم في النصوص، وأن منهم من يفهم من الآية حكمًا أو حكمين، ومنهم من يفهم [منها] (١) عشرة أحكام أو (٢) أكثر من ذلك، ومنهم من [يقتصر فهمُه] (٣) على مجرد اللفظ دون سياقه ودون إيمائِه [وإشارته وتنبيهِه] (٤) واعتباره، وأخص من هذا وألطف ضمه إلى نص آخر (٥) متعلق به فيفهم من اقترانه به قدرًا زائدًا على ذلك اللفظ بمفرده، وهذا باب عجيب من فهم القرآن لا يَنْتبه له إلا النادر من أهل العلم، فإن الذهن قد لا يشعر بارتباط هذا بهذا وتعلقه به، وهذا كما فهم ابنُ عباس من قوله: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] مع قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣] أن المرأة قد تَلِدُ لستة أشهر (٦)، وكما فهم الصدِّيقُ من آية الفرائض في أول السورة وآخرهَا أن الكلالةَ مَنْ لا ولدَ له ولا والِد، وأسقط الإخوةَ بالجدِّ (٧)، وقد أرشد النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عُمَر إلى هذا الفهم حيث سأله عن الكلالة وراجَعَه


= "الثقات"، وهو في "الكبير" من حديث ثوبان، وليس فيه هذه الزيادة (١٤٤١)، وفي إسناد "الكبير" أبو سعيد البقال، والأكثر على تضعيفه.
وقال الحافظ ابن حجر: وله شاهد آخر غريب من حديث البراء. وانظر: "نتائج الأفكار" (١/ ٢٣٧ - ٢٤١).
قلت: وللشيخ أحمد شاكر على حديث الباب كلام يستحق النظر. وانظر: "زاد المعاد" (١/ ٩٥).
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ق): "و".
(٣) بدل ما بين المعقوفتين في (ق) و (ك) والمطبوع: "يقتصر في الفهم".
(٤) في (ق): "وتنبيهه وإشارته".
(٥) في (ن): "بضم النص إلى نص آخر".
(٦) بيان ذلك أننا إِذا طرحنا الحولين -مدة الرضاع- من الثلاثين شهرًا مدة الحمل والفصال؛ لبقي معنا ستة أشهر وهي المدة التي استنتجها ابن عباس -رضي اللَّه عنه- التي قد تلد المرأة لها (ط).
قلت: والأثر سبق تخريجه.
(٧) قول أبي بكر في الكلالة: رواه عبد الرزاق (١٠/ ٣٠٤ رقم ١٩١٩١)، وابن جرير في "التفسير" (٨/ ٥٤ رقم ٨٧٤٧، ٨٧٤٥، ٨٧٤٦)، وابن أبي شيبة (١١/ ٤١٥ - ٤١٦)، والدارمي (١/ ٣٦٥)، وسعيد بن منصور في "السنن" (رقم ٥٩١)، والبيهقي (٦/ ٢٢٣، ٢٢٤)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (١/ ١٩٩) من طريق الشعبي عن أبي بكر، وهو منقطع الشعبي لم يدرك أبا بكر، وعزاه ابن حجر في "التلخيص" (٤/ ١٩٥) لكتاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>