للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المسألة لم تُبْقِ الفرائضُ شيئًا، فلا شيء للعصبة بالنَّص، وأما قول القائس (١): "هَبْ أن أبانا كان حمارًا" فقول باطل حسًا وشرعًا، فإن الأبَ لو كان حمارًا لكانت الأم أتانًا، وإذا قيل: يُقدَّر وجوده كعدمه، قيل: هذا باطل، فإن الموجود لا يكون كالمعدوم، وأما بطلانه شرعًا فإن اللَّه سبحانه حكم في ولد الأبوين بخلاف حكمه في ولد الأم.

فإن قيل: الأب إن لم ينفعهم لم يضرهم.

قيل: بل قد يضرهم كما ينفعهم (٢) فإن ولد الأم لو كان واحدًا وولد الأبوين مئة وفَضَل نصفُ سدس (٣) انفرد ولد الأم بالسُّدُس، واشترك ولد الأبوين في نصف السدس، فهلَّا قبلتم (٤) قولَهم ههنا: هَبْ أن أبانا كان حمارًا؟ وهلا قدَّرتم الأب مَعْدُومًا فخرجتم عن القياس كما خرجتم عن النص، وإذا جاز أن ينقصهم الأبُ جاز أن يحرمهم، وأيضًا فالقرابة المتصلة الملتئمة من الذكر والأنثى لا تفرق أحكامها، هذه قاعدة النسب في الفرائض وغيرها، فالأخ من الأبوين لا نجعله (٥) كأخ من أب وأخ من أم فنعطيه السدس [فرضًا] (٦) بقرابة الأم والباقي تعصيبًا بقرابة الأب.

فإن قيل: فقد فرقتم بين القرابتين (٧)، فقلتم في ابني عم أحدهما أخ لأم: يُعطى الأخ للأم بقرابة الأم السدسَ ويقاسم ابن العم بقرابة العمومة.

قيل: نعم هذا قول الجمهور، وهو الصواب، وإن كان شُرَيْح ومَنْ قال (٨) بقوله أعطى الجميع لابن العم الذي هو أخ لأم، كما لو كان ابن عم لأبوين، والفرقُ بينهما على قول الجمهور أن كليهما في بُنوَّة العم سواء، وأما الأخوة للأم فمستقلة ليست [مقترنة] (٦) بأبوة حتى تُجعل كابن العم للأبوين، فههنا (٩) قرابة الأم


= (١٢/ ١١/ رقم ٦٧٣٢)، وباب ميراث ابن الابن إذا لم يكن ابن، (١٢/ ١٦/ رقم ٦٧٣٥)، وباب ميراث الجد مع الأب والإخوة (١٢/ ١٨/ رقم ٦٧٣٧)، وباب أبناء عم أحدهما أخ لأم، والآخر زوج، (١٢/ ٢٧/ رقم ٦٧٤٦)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الفرائض): باب ألحقوا الفرائض بأهلها (٣/ ١٢٣٣/ رقم ١٦١٥)، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.
(١) في (ن): "القياسيين".
(٢) في (ن): "بلى. . . ".
(٣) في (ن): "نصف السدس".
(٤) في (ق): "قلتم".
(٥) في (ن): "لا يحصل".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) في (ن): "قد فرقتم أحكام القرابتين".
(٨) في (ك): "يقول".
(٩) في (ق): "فهنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>