للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: لا يكون ذلك إلا [مع] (١) ولد الأم أو الأخوات لأبوين أو لأب (٢) واحدة أو أكثر، واللَّه سبحانه قد أعطاها السدس مع الإخوة، فدلَّ على أنها تأخذ الثلث مع الواحد إذ ليس بإخوة.

بقي (٣) الأختان والأخوان؛ فهذا مما تنازع فيه الصحابة فجمهورُهم أدخلوا الاثنين في لفظ الإخوة، وأبى ذلك ابنُ عباس (٤)، ونَظَرُه أقرب إلى ظاهر اللفظ (٥)، ونظر الصحابة أقربُ إلى المعنى وأولى به؛ فإن الإخوة إنما حجبوها


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٢) في المطبوع و (ن): "للأبوين أو للأب".
(٣) في (ن): "أما".
(٤) يريد ما رواه ابن جرير (٨/ ٤٠ رقم ٨٧٣٢ - ط شاكر) والحاكم (٤/ ٣٣٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٢٧) وابن حزم (٩/ ٢٥٨) من طريق ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس أنه دخل على عثمان بن عفان فقال: إن الأخوين لا يردان الأم إلى الثلث؛ قال اللَّه عز وجل: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} فالأخوان في لسان قومك ليسا بإخوة، فقال عثمان بن عفان: لا أستطيع أن أرد ما كان قبلي ومضى في الأمصار وتوارث به الناس".
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"! قلت: بل إسناده ضعيف.
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (٣/ ٨٥): "وفيه نظر، فإن فيه شعبة مولى ابن عباس وقد ضعَّفه النسائي". قلت: وضعفه أيضًا مالك ويحيى القطان، وأبو زرعة، وقال ابن حبان: "روى عن ابن عباس ما لا أصل له، حتى كأنه ابن عباس آخر".
وانظر: "حلية العلماء": (٦/ ٢٨١)، "الإشراف" (٥/ ٢٠١ مسألة رقم ١٩٥٣) وتعليقي عليه، "تفسير ابن جرير" (٨/ ٤٠ - ط شاكر)، "موسوعة فقه ابن عباس" (١/ ١٣٥ - ١٣٦).
(٥) الراجح ما قال به جماهير أهل العلم سلفًا وخلفًا، قال ابن جرير في "تفسيره" (٨/ ٤١ - ٤٣ - ط شاكر): "والصواب من القول في ذلك عندي أن المعنى بقوله: "فإن كان له إخوة" اثنان من إخوة الميت فصاعدًا، على ما قاله أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، دون ما قاله ابن عباس رضي اللَّه عنهما لنقل الأمة وراثة صحة ما قالوه من ذلك عن الحجة وإنكارهم ما قاله ابن عباس في ذلك.
فإن قال قائل: وكيف قيل في الأخوين: "إخوة"، وقد علمت أن "الأخوين" في منطق العرب مثالًا لا يشبه مثال "الإخوة" في منطقها؟
قيل: إن ذلك وإن كان كذلك؛ فإن من شأنها التأليف بين الكلامين يتقارب معنياهما، وإن اختلفا في بعض وجوههما، فلما كان ذلك كذلك وكان مستفيضًا في منطقها منتشرًا مستعملًا في كلامها: "ضربت من عبد اللَّه وعمرو رؤوسهما، وأوجعت منهما ظهورهما"، وكان ذلك أشد استفاضة في منطقها من أن يقال: أوجعت منهما ظهريهما"، وإن كان مقولإً: "أوجبت ظهريهما"، كما قال الفرزدق [في "ديوانه" (٥٥٤)]:
بما في فؤادينا من الشوق والهوى ... فيبرأ منهاض الفوائد المشعف =

<<  <  ج: ص:  >  >>