للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى السدس لزيادة ميراثِهِم على ميراثِ الواحد، ولهذا لو كانت واحدةً أو أخًا واحدًا لكان لها الثلث معه، فإذا كان الإخوةُ ولدَ أمِ كان فرضُهم الثُّلثَ اثنين كانا (١) أو مئة، فالاثنان والجماعة في ذلك سواء، وكذلك لو كُنَّ أَخواتٍ لأب أو لأب وأم ففرضُ الثنتين (٢) وما زاد واحد، فحجبُها عن الثلث إلى السدس باثنين كحَجْبها بثلاثة سواء، لا فرق بينهما ألبتة.

وهذا الفهم في غاية اللطف، وهو من أدق فهم القرآن، ثم طرد ذلك في الذكور من ولد الأب والأبوين لمعنى يقتضيه (٣)، وهو توفير السدس الذي حُجبت عنه لهم لزيادتهم على الواحد (٤) نظرًا لهم ورعايةً لجانبهم، وأيضًا فإن قاعدة الفرائض أن كُلَّ حكم اختصَّ به الجماعة عن الواحد اشتركَ فيه الاثنان وما فوقهما كولدِ الأُمِّ والبناتِ وبناتِ الابنِ والأَخواتِ للأبوين أو للأب، والحَجْبُ ههنا قد اختص به الجماعة، فيستوي فيه الاثنان وما زاد عليهما، وهذا هو القياس


= غير أن ذلك وان كان مقولًا فأصح منه: "بما في أفئدتنا"، كما قال جل ثناؤه: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤].
فلما كان ما وصفت من إخراج كل ما كان في الإنسان واحدًا إذا ضم إلى الواحد منه آخر من إنسان آخر فصارا اثنين من اثنين، بلفظ الجميع، أفصح في منطقها وأشهر في كلامها، وكان "الإخوان" شخصين كل واحد منهما غير صاحبه، من نفسين مختلفين، أشبه معنياهما معنى ما كان في الإنسان من أعضائه واحدًا لا ثاني له، فأخرج اثناهما بلفظ اثني العضوين اللذين وصفت، فقيل: "إخوة" في معنى "الأخوين"، كما قيل: "ظهور" في معنى "الظهرين"، و"أفواه" في معنى "فموين"، و"قلوب" في معنى "قلبين".
وقد قال بعض النحويين: إنما قيل: "إخوة"؛ لأن أقل الجمع اثنان، وذلك أن ضم شيء إلى شيء صارا جميعًا بعد أن كانا فردين، فجمعا ليعلم أن الاثنين جمع".
وانظر: "المبسوط" (٢٩/ ١٤٥)، "الاختيار" (٤/ ١٦٣)، "الفتاوى الهندية" (٦/ ٤٤٩)، "شرح السراجية" (١٢٩ - ١٣١)، "شرح الرحبية" (٦٠ - ٦١)، "حاشية البقري على المارديني" (ص ١٩، ٦٥)، "نهاية الهداية" (١/ ١٨٨ - ١٩١)، "التهذيب في الفرائض" (ص ١٩٩)، "مغني المحتاج" (٣/ ١٠)، "روضة الطالبين" (٥/ ١١)، "الإقناع" (٣/ ٨٥)، "المغني" (٦/ ١٧٦)، "الإفصاح" (٢/ ٨٥)، "زاد المسير" (٢/ ٢٧)، "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٢٢)، "أنوار التنزيل" للبيضاوي (٢/ ٧١)، "الحقوق المتعلقة بالتركة" (٣٢٢ - ٣٢٤).
(١) في (ق) و (ك): "كانوا".
(٢) في (ك): "البنتين".
(٣) في (ق): "وهو لمعنىً يقتضيه".
(٤) في (ق) و (ن): "لزيادتهم لهم عن الواحد"! وانظر: "الأشراف" للقاضي عبد الوهاب (٥/ ٢٠١) وتعليقي عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>