للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوجين ولا تعطى الثلث؛ وكان قسمةُ ما بقي بعد فرض الزوجين بين الأبوين مثلَ قسمةِ أَصلِ المال بينهما، وليس بينهما فرقٌ أصلًا لا في القياس ولا في المعنى.

فإن قيل: فهل هذه دلالةٌ خطابيةٌ لفظية أو قياسية محضة؟

قيل: هي ذات وجهين؛ فهي لفظيةٌ من جهةِ دلالةِ الخطاب، وضمِّ بعضه إلى بعض، واعتبارِ بعضِه ببعض؛ وقياسيةٌ من جهة اعتبار المعنى، والجمع بين المتماثلين والفرق بين المختلفين، وأكثر دلالات النصوص كذلك كما في قوله: "مَنْ أعتق شِرْكًا [له] في عبد" (١) وقوله: "أيما رجل وَجَدَ مَتَاعَه بعينِه عند رجلٍ قد أفْلَسَ فهو أحقُّ به" (٢) وقوله: "من باع شركًا له في أرض أو رَبْعة (٣) أو حائط (٤) " حيث يتناول الحوانيت؛ وقوله (٥): {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النور: ٢٣] فخص الإناث باللفظ، إذ كُنَ سببَ النزول، فنَصَّ عليهن بخصوصهن، وهذا أصح من فَهْم من قال من أهل الظاهر: المرادُ بالمحصناتِ: الفروجُ المحصناتُ، فإن هذا لا يفهمه السامع من هذا اللفظ ولا من قوله: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النساء: ٢٥] ولا من قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ


(١) تمام الحديث: "وكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوِّمَ عليه العَدْل، فأعطى شركاءَهُ حصصهم وعتق عليه العبد، وإلَّا؛ فقد عتق منه ما عتق".
أخرجه البخاري في "الصحيح" (كتاب الشركة): باب تقويم الأشياء بين الشركاء (٥/ ١٣٢/ رقم ٢٤٩١)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب العتق): باب منه (/ ٢/ ١١٣٩ رقم ١٥٠١)، والترمذي في "الجامع" (أبواب الأحكام): باب العبد يكون بين الرجلين (٣/ ٦٢٩/ رقم ١٣٤٦)، وأبو داود في "السنن" (كتاب العتق): باب مَنْ رَوى أنه لا يُستسعى (٤/ ٢٥٦ / رقم ٣٩٤٠)، والنسائي في "المجتبى" (كتاب البيوع): باب الشركة في الرقيق (٧/ ٣١٩)، وابن ماجه في "السنن" (كتاب العتق): باب من أعتق شركًا له في عبد (٢/ ٨٤٤/ رقم ٢٥٢٧)، من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-. وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٢) رواه البخاري (٢٤٠٢) في (الاستقراض): باب إذا وجد ماله عند مفلس في البيع والقرض، ومسلم (١٥٥٩) في (المساقاة): باب من أدرك ما باعه عند المشتري وقد أفلس، من حديث أبي هريرة.
(٣) "الربع: المنزل، والربعة أخص" (و).
(٤) رواه أحمد (٣/ ٣١٢ و ٣٩٧)، ومسلم (١٦٠٨) (١٣٣) في (المساقاة): باب الشفعة من حديث جابر، ولفظه: "من كان له شريك في رَبْعة أو نخل. . . "، وفي مسلم بلفظ: "الشفعة في كل شِرك في أرض رَبْع أو حائط. . . ".
(٥) في (ق): "وقوله تعالى".

<<  <  ج: ص:  >  >>