للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل، أو بالاعتبار الأولى، أو بالاعتبار الذي فيه إلحاقُ الفرع بأشبه الأَصْلين به، أو تنبيه اللفظ، أو إشارته وفَحْواه، أو بدلالة التركيب، وهي ضَمُّ نص إلى نص آخر، وهي غير دلالة الاقتران، بل هي ألطف منها وأدق وأصح كما تقدم.

فالقياس المحض والميزان الصحيح أنَّ الأم مع الأب كالبنت مع الابن والأخت مع الأخ؛ لأنهما ذكرٌ وأُنثى من جنس واحد، وقد أعطى اللَّه [سبحانه] (١) الزوجَ ضِعْفَ ما أعطى الزوجة تفضيلًا لجانب الذُكورية، وإنما عدل عن هذا في ولد الأم لأنهم يُدْلُون بالرحم المجرَّدِ ويُدْلُون بغيرهم وهو الأم، وليس لهم تعصيبٌ [بحال] (٢)، بخلاف الزوجين والأبوين والأولاد، فإنهم يُدْلُون بأنفسهم، وسائر العصبة يُدْلون بذكرٍ كولدِ البنين وكالإخوةِ للأبوين أو للأب، فإعطاءُ الذَّكرِ مثلُ حَظِّ الأنثيين معتبرٌ فيمن يُدْلي بنفسه أو بعصبة؛ وأما مَنْ يُدلي بالأمومة كولد الأم فإنه لا يُفضَّلُ ذكرُهم على أنثاهم، وكان الذكر كالأنثى في الأخذ، وليس الذكر كالأنثى في باب الزوجية ولا في باب الأبوة ولا البنوة ولا الأخوة؛ فهذا هو الاعتبارُ الصحيحُ، والكتاب يدل عليه كما تقدم بيانه.

وقد تناظر ابنُ عباس وزيد بن ثابت في العمريتين، فقال له ابن عباس: أين في كتاب اللَّه ثُلثُ ما بقي؟ فقال زيد: وليس في كتاب اللَّه إعطاؤها الثلث كله مع الزوجين (٣)، أو كما قال، بل كتابُ اللَّه يمنعُ إعطاءَها الثلث مع أحد الزوجين؛ فإنه لو أعطاها الثلثَ مع الزوج لقال: فإن لم يكن له ولد فلأمه الثلث، فكانت تستحقه مطلقًا، فلما خَصَّ الثلثَ ببعض الأحوال عُلم أنَّها لا تستحقه مطلقًا، ولو أعطيته مطلقًا لكان قولُه: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} [النساء: ١١] زيادة في اللفظ ونقصًا في المعنى، وكان ذِكْرُه عديمَ الفائدة، ولا يمكن أن تُعطى السدس [لأنه إنما جُعلَ لها مع الولد أو الإخوة، فدل القرآن على أنها لا تُعطى السدس] (٤) مع أحد


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ق).
(٣) رواه عبد الرزاق (١٩٠٢٠) (١٠/ ٢٥٤)، وابن أبي شببة (٧/ ٣٢٧ - ٣٢٨ - دار الفكر)، والبيهقي (٦/ ٢٢٨)، وابن حزم (٩/ ٢٦١ - ٢٦٢) من طريق عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عكرمة عن ابن عباس. . . وفيه: في كتاب اللَّه تجد هذا؟! وإسناده صحيح.
ورواه الدارمي (٢/ ٣٤٦) نحوه من طريق شعبة عن الحكم عن عكرمة به ورواته ثقات.
ورواه ابن أبي شيبة من طريق عبدة عن الأعمش عن ابن عباس.
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>