للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو العم أو ابنه دون الأخت؛ فإنه رجل ذكر، فأنتم عدَلتم عن هذا النص وأعطيتموه الأنثى، فكنا أسعدَ بالنص منكم، وعملنا به وبقضاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث أعطى البنتَ النصفَ وبنتَ الابن السدسَ والباقي للأخت إذا لم يكن هناك أولى رجل ذكر (١)، فكانت الأختُ عصبةَ، وهذا توسط بين قولكم و [بين] (٢) قول من أسقط الأخت بالكلية، وهذا مذهب إسحاق بن راهويه، وهو اختيار أبي محمد بن حزم (٣)، وسقوطها بالكلية مذهب ابن عباس كما قال عبد الرزاق: أنبا معمر، عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمة: قيل لابن عباس: رجلٌ تَركَ ابنته وأخته لأبيه وأمه، فقال: لابنته (٤) النصفُ ولأمهِ السدسُ وليس لأخته شيءٌ مما ترك، وهو لعصبته، فقال له السائل: إنّ عُمر قضى بغير ذلك، جَعلَ للبنتِ النصفَ، وللأختِ النصفَ، فقال ابنُ عباس: أأنتم أعلم أم اللَّه؟ قال معمر: فذكرت ذلك لابن طاوس، فقال [لي] (٢): أخَبَرني أبي أنه سمع ابن عباس يقول: قال اللَّه عز وجل: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] فقلتم أنتم: لها النصفُ، وإن كان له ولد (٥)، وقال ابنُ أبي مُليكة، عن ابن عباس: أَمرٌ ليس في كتاب اللَّه ولا في قضاءِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وستَجِدُونه في الناس كُلِّهم: ميراثُ الأخت مع البنت (٦).

فالجواب أن نصوص رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلها حق يُصدِّقُ بعضُها بعضًا ويجب الأخذُ بجميعها، ولا يُترك له نصٌ إلا بنص آخر ناسخ له، لا (٧) يُترك بقياسٍ ولا رأي ولا عملِ أهلِ بلدٍ ولا إجماع، ومحال أن تُجمعَ الأمةُ على خلاف نص له إلا أن يكون له نص آخر ينسخه؛ فقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فما أبْقَتِ الفرائضُ فلأوْلى رجلٍ


(١) أخرجه البخاري (٦٧٤٢) (كتاب الفرائض): باب ميراث الأخوات مع البنات عصبة عن ابن مسعود، ومضى لفظه قريبًا.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) انظر: "المحلى" (٩/ ٢٥٦ - ٢٥٧) لابن حزم، ونقله عن ابن راهويه.
(٤) في (ق): "لبنته".
(٥) رواه عبد الرزاق (١٩٠٢٣) (١٠/ ٢٥٤)، ومن طريقه البيهقي (٦/ ٢٣٣)، وابن حزم (٩/ ٢٥٧) عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة قال جاء ابن عباس. . . وإسناده صحيح.
(٦) رواه الحاكم في "المستدرك" (٤/ ٣٣٧)، والقاضى إسماعيل في "أحكام القرآن"، ومن طريقه ابن حزم (٩/ ٢٥٧) من طريق مصعب بن عبد اللَّه عن ابن أبي مليكة به، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(٧) في (ق): "ولا".

<<  <  ج: ص:  >  >>