للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرٍ" (١) عامٌّ قد خص منه قوله: "تَحُوزُ المرأة ثلاثَ مواريث: عتيقَها، ولقيطَها، وولدَهَا الذي لاعَنَتْ عليه" (٢) وأجمع الناسُ على أنها عَصبة عتيقها، واختلفوا في كونها عصبة لقيطها وولدها المنفي باللعان، وسُنَّةُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تقضي (٣) بين المتنازعين، فإذا خُصَّت منه هذه الصور بالنص (٤) وبعضها مجمعٌ عليه خصت منه هذه الصورة لما ذكرناه من الدلالة (٥).

فإن قيل: قولُه: "فلأولى رجل ذكر" إنما هو في الأقارب الوارثين بالنسب وهذا لا تخصيص فيه (٦).

قيل: فأنتم تقدمون المعتق على الأخت مع البنت، وليس من الأقارب، فخالفتم النصين معًا، وهو -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "فلأولى رجل ذكر" فأكده بالذكورة ليبين أن العاصب بنفسه المذكور هو الذكر دون الأنثى، وأنه لم يرد بلفظ الرجل ما يتناول الذكر والأنثى كما في قوله: "مَنْ وَجَدَ متاعَهُ عند رجل قد أفلس" (٧) ونحوه مما يُذكر فيه لفظ الرجل والحكمُ يعمُّ النوعين، وهو نظير قوله في حديث الصدقات: "فابْنُ لَبُونٍ ذكر" (٨) ليبين أن المراد الذكر دون الأنثى، ولم يتعرض في الحديث


(١) سبق تخريجه قريبًا.
(٢) رواه أحمد (٣: ١٠٦، ٤٩٠ و ٤/ ١٠٧)، وأبو داود (٢٩٠٦) (الفرائض): باب ميراث ابن الملاعنة، والترمذي (٢١١٥) في (كتاب الفرائض): باب ما جاء في ما يرث النساء من الولاء، وابن ماجه (٢٧٤٢) في (الفرائض): باب تحوز المرأة ثلاث مواريث، والنسائي في "الكبرى" (ق ٨٣، ٨٤) -وكما في "التحفة" (٩/ ٧٨) - والطحاوي في "المشكل" (٧/ ٣٠٩ رقم ٢٨٧٠)، والدارقطني (٤/ ٨٩، ٩٠)، وابن عدي في "الكامل" (٥/ ١٧٠٧)، والحاكم في "المستدرك" (٤/ ٣٤٠ - ٣٤١)، والبيهقي في "سننه الكبرى" (٦/ ٢٤٠) كلهم من طريق عمر بن رؤبة عن عبد الواحد بن عبد اللَّه عن واثلة، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه"، وفي كلامه نظر.
فقد قال ابن عدي عن عمر بن رؤبة: "وإنما أنكروا عليه أحاديثه عن عبد الواحد النصري".
وصححه الحاكم في "المستدرك" وسكت الذهبي، مع أنه ذكر عمر بن رؤبة في "الميزان"، وقال: ليس بذاك، وليس له في "السنن" إلا هذا الحديث، فالحديث ضعيف.
انظر: "الإرواء" (١٥٧٦)، وتعليقي على "سنن الدارقطني" (رقم ٤٠٤٩، ٤٠٥٠).
(٣) في المطبوع: "تفصل".
(٤) في (ق) و (ك): "بالنصوص".
(٥) في (ق): "بما ذكرناه من الأدلة".
(٦) في (ن): "وهذا لا يخص منه".
(٧) مضى تخريجه، ووقع في (ق): "من وجد متاعه بعينه عند رجل".
(٨) هو في "صحيح البخاري" (١٤٤٨) في (الزكاة): باب الفرض في الزكاة، وانظر أطرافه هناك، وقال فيه: "وعنده ابن لبون فإنه بقبل منه" من حديث أنس عن أبي بكر، وقوله: "فابن لبون ذكر" وارد في طرق الحديث الأخرى منها عن أبي داود (١٥٦٧) وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>