للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النص الحلفَ بالتزام الواجباتِ والحلف بأحب القُرباتِ المالية إلى اللَّه وهو العتقُ، كما ثبت ذلك عن ستة (١) منهم ولا مخالف لهم من بقيَّتِهم (٢)، وأدخلت فيه الحلفَ بالبغيض إلى اللَّه وهو الطلاق كما ثبت ذلك عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه (٣) ولا مخالف له منهم (٤)، فالواجبُ تحكيمُ هذا النص العام والعملُ بعمومه حتى يثبت إجماع الأمة إجماعًا متيفنًا (٥) على خلافه، فالأمة لا تُجمِع على خطأ البتة.

ومن ذلك الاكتفاء بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ" (٦) في إبطالِ كُلِّ عقدِ نهى اللَّه ورسوله عنه وحَرَّمه، وأنه لغوٌ لا يُعتدُّ به، نكاحًا كان أو طلاقًا أو غيرهما، إلا أن تُجمع الأمة إجماعًا معلومًا على أن بعض ما نهى اللَّه ورسوله عنه وحَرَّمه من العقود صحيحٌ لازم معتدّ به غير مردود، فهي لا تجمع على خطأ، وباللَّه التوفيق.

ومن ذلك الاكتفاء بقوله [تعالى] (٧): {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩] مع قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وما سكت عنه فهو مما عفا عنه" (٨) فكل ما لم يبين اللَّه ولا رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- تحريمَه من المطاعم و [المشارب] (٧) والملابس والعقود والشروط فلا يجوز تحريمها، فإن اللَّه سبحانه قد فصَّل لنا ما حرم علينا، فما كان من هذه الأشياء حرامًا فلا بد أن يكون تحريمه مفصلًا، وكما أنه لا يجوز [إباحة ما حرّمه اللَّه، فكذلك لا يجوز تحريم ما عفا عنه ولم يحرمه] (٩)، وباللَّه التوفيق.


(١) في (د): "سنة" بالنون! والصواب أنه ثبت عن سبعة منهم، هم: ابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وعائشة، وأم سلمة، وحفصة، وزينب ربيبة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٣٣/ ٥٠) وأسند ذلك عنهم البيهقي: كتاب الأيمان: باب من جعل شيئًا من ماله صدقة أو في سبيل اللَّه. . . (١٠/ ٦٥).
(٢) في (ق) و (ك): "من نفسهم".
(٣) مضى تخريجه.
(٤) "هدي الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الثابت عنه: أن من كان حالفًا، فليحلف باللَّه، أو فليسكت وأن من حلف بغير اللَّه، فقد كفر، فلا يجوز الحلف بطلاق ولا عتاق ولا غيرهما مما ليس من هدي اللَّه" (و)، وانظر مذهب علي في الحلف بالطلاق: "المحلى" (١٠/ ٢١١ - ٢١٣)، و"إغاثة اللهفان" (٢/ ٨٩)، و"مجموع فتاوى ابن تيمية" (٤٧/ ٣٣ - ٥٠).
(٥) في (ق) و (ك): "مستيقنًا".
(٦) الحديث في "الصحيحين"، وقد سبق تخريجه.
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٨) سبق تخريجه.
(٩) في (ق): "وكما أنه لا يجوز تحريم ما عفا عنه لم نحرمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>