للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يمينُه، وأمَّا غيرُ ذلك مِن مساعدةِ الضُّعفاء، والقيامِ مع المنكسر بِدَينٍ أو فقرٍ، فالعَجبُ العُجاب، يُخرجُ مِن ماله، ويَضمنُ في ذمَّته، ويَدخلُ على الغريمِ في بيته، ولقد ضَمِنَ مرَّةً نحوَ خمسين ألف درهمٍ، طُولبَ بها وضُيِّق عليه فيها، ففرَّجَ الله عنه بِنِيَّيه، وأمرُه في ذلك أجلُّ مِن أنْ يُوصفَ، بحيثُ يحتملُ التَّدوين، وأمَّا سعيُه في التئامِ الكلمةِ، واختلاجُه بينَ النَّاسِ، وجمعُ الشَّملِ بينَ الإخوان، والتَّأليفِ بين الأقران، فمِن عجائبِ الزَّمان، تُوفي سنةَ أربعٍ وثلاثين وسبعِ مئةٍ. وذكرَه المجدُ (١)، فقال: كانَ هو والمتقدِّمُ قبلَه كأنَّهما ديناران وازنان، وقي ميزان الاختبارِ والاعتبارِ راجحان رازنان، وكانَ لم يلِ المشيخةَ لكن سبقَ في المكارمِ كثيرًا من المشايخ، له قَدمٌ في المفاخرِ راسية، وعِرقٌ في الرئاسةِ راسخ، غَوثٌ للرَّاجين، وغَيثٌ للمحتاجين، كانَ مسكنُه بدارِ الشَّرابيِّ في زُقاق الخدَّام، هيِّأها منزلًا للخاصِّ والعامِّ، وكلُّ مَن يتجشَّم إليه بنقلِ الأقدام، قائمٌ (٢) في معاركِ المبارِّ إليه إقدامٌ وأيُّ إقدام، وجعلَ في منزلِه مارستانًا للمرضى، ويعدُّ القيامَ بحالهم عليه حَتمًا فرضًا، لا يسمعُ بمريضٍ مِن الخُدَّامِ والمجاورين، والفقراءِ والمسافرين، إلا وتَبادرَ في الحين إلى عيادتِه، ويحملُ إليه مِن الأشربةِ والأغذيةِ المُلوكيةِ حسبَ شهوةِ المريضِ وإرادتِه، وإذا وُصفَ لمريضٍ دواءٌ مفقود، بذلَ في تحصيلِه النُّقود، ولا يُبقي في ذلك شيئًا من المجهود، وأمَّا ما هو سهلُ الوجدان، كالسُّكَّر والشَّرابات فهي مبذولةٌ لكلِّ سائل، محمولةٌ إلى منازلِ المرضى المنقطعةِ الوسائل، يبذلُ بذلَ الملوك، ويعطي عطاءَ


(١) "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٠٤.
(٢) كذا في الأصل، وفي "المغانم المطابة": قلبه.