للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ماتَ اثنانِ وبَقِيَ مالكٌ ومريمُ، وممَّا يدلُ لصلاحهِ أنَّه مَرِضَ مَرضَةً طويلةً أشرفَ منهَا على الموتِ فرأَى أُمَّ المؤمنينَ عائشةَ رضي اللهُ عنهَا في المنامِ فقَالت لهُ: ما تموتُ إلا عندَ الشُّهداءِ أو نحوِ هذَا، فاستبشَرَ، وكانَ كَذلكَ فإنَّه عُوفِي وبَقِيَ زمانًا إلى أنْ سافرَ على عادتهِ للحجِّ وهو مُتوعِّكٌ فأدركُه أجلُه بِبَدرٍ وماتَ بهَا ودُفنَ عندَ شُهداءِ بدرٍ، وكانَ يُواصلُ الحجَّ في كلِّ سنةٍ في طريقِ الماشِي، وكتبَ وصيَّتَه لِوَلَدهِ إن قُدِّر لهُ بسفرٍ إلى المغربِ وأخبرهُ فيهَا بأموالهِ وكيفَ يتصَّرفُ فيهَا، وجاءَ بعضُ أقربائهِ بعدَ موتهِ وسألَ عن أولادهِ وقالَ لهُم: أشتَهِي أن أشْتَرِي من مالِ أبيكُم شيئًا وأُعطِيكُم الثَّمنَ، فبلغَ ذلكَ القاضِي شرفَ الدِّينِ الأميوطيَّ فامتنعَ وأبَى أن يبيعَ على الأيتامِ شيئًا من مالهمِ مجهولًا.

[٤٠٦٣] محمَّدٌ الهُوِيُّ

من أهلِ الرِّيفِ، قالَ ابنُ فرحونٍ (١): إنَّه كانَ مِنَ الأولياءِ الكِبَارِ القُدَماءِ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ مِنَ الغَيبِ، وكانت أكثرُ إقامَتِهِ بِمَكَّةَ، ثُمَّ انتقلَ إلى المدينةِ فأقامَ بها، وسكنَ ببيتٍ من الحصنِ العتيقِ لهُ شُبَّاكٌ إلى الحَرَمِ، وصادفَ فيها غلاءً عظيمًا وعُدِمَ التَّمرُ حَتَّى وصلَ صاعُهُ لخَمسِينَ، ولا يُوجَدُ، وذلكَ في سنةِ خمسٍ وتسعينَ وسِتِّ مئَةٍ، فكانَ يَتَصَدَّقُ بِالتَّمرِ البَرنيِّ على النَّاسِ، ولا يُعلَمُ من أينَ يأتيهِ ولا لهُ مَن يشتريهِ، بل لو أرادَ ذلكَ مَا


(١) "نصيحة المشاور" ص: ١٠٨.