وقوله:
عَرفتُكِ يا دُنيا فلا تَتَزَيَّني … فلستُ بمغرورِ بعاجِلِكِ الدَّني
أبى اللهُ إلا أَنْ أراكِ خَسيسةً … فإنْ شئتِ تزهو لي وإنْ شئتِ هُوني
سرُوركِ حُزنٌ والعطا تَسلُبِينَه … سريعًا، وهذا إن تأمَّلْتُ يَكفِني
كأنِّي بصفوِ العيش منكِ مُكدَّرٌ … كأنِّي بما زيَّنْتِ مِن زُخرفٍ فَنِي
فَسِلْمُكِ حربٌ واجتماعُكِ فُرقةٌ … وأمنُكِ خوفٌ، بِئْسَ أنتِ لمقتني
ولمَّا كانَ الجلالُ أبو السَّعاداتِ ابنُ ظهيرةَ قاضي مكَّةَ عندَهم بالأمرِ، أنشده قصيدةً طنانةً أولُها:
ظمِئتْ لرؤيتِكَ السَّعيدةِ مكَّةٌ … واهتزَّ مِن شوقٍ إليكَ المنبرُ
واستوحشَ الحَرمُ الشَّريفُ وأهلُه … والبيتُ كادَ مِن الجَوى يتفطَّرُ
والحِجْرُ والحَجَرُ الشَّريفُ وزمزمٌ … وكذا المقامُ معَ الصَّفا مُتكدِّرُ
ومنها:
لكَ في الخروجِ إلى المدينةِ أسوةٌ … فابشرْ فمذ هاجرتَ أنتَ مُظَفَّرُ
٣٣٨٨ - محمَّدُ بنُ إبراهيمَ بنِ أحمدَ، أبو عبدِ اللهِ البُسْتيُّ (١).
الصُّوفيُّ العارفُ، ممَّن قدمَ بغدادَ خبرُه، وحجَّ منها مِرارًا ماشيًا وراكبا، وجاورَ بالحرمينِ مُدَّةً، ولقيهُ بمكَّةَ الدُّبيثيّ، وإنَّه قالَ له: لي أتردَّدُ إلى ها هنا -يعني الحجَّ- خمسينَ سنةً، وأثنى عليه بقوله: صاحبُ رياضةٍ ومجاهدةٍ، وأسفارٍ وتجريد، وله تصنيفٌ
(١) "تاريخ الإسلام" للذهبي، وفيات ٥٨٤ هـ، ص ١٩١ - ١٩٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute