للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان الشُّروعُ في تبييضه، والرُّجوعُ لتهذيبه وتنهيضه، حين كوني بطيبةَ الشَّريفة، وقُرَّةُ عيني بلَحْظِ تلك العَرَصَات (١) المُنيفة.

وكتبَ إليَّ العزُّ ابنُ فهدٍ (٢) يُحرِّضُ عليه، ويُمَرِّضُ مَنْ لم يلتفتْ إليه، بل نظمَ الفاضلُ اللُّواتي (٣)، والحبيبُ المواتي، قصيدةً في التَّنويهِ به، والتَّوجُّهِ لسببِه، نفعَ اللّه بهما، ودفع كلَّ مكروهٍ عنهما، وجعل هذا التَّأليفَ خالصًا لوجهِه الكريم، مُوجبًا لفضلِه العميم، وصلَّى اللّه على سيِّدِنا محمَّدٍ وسلَّمَ وشرَّفَ وكَرَّم، وسمَّيْتُه:

التُّحفةَ اللَّطيفةَ في تاريخ المدينةِ الشّريفةِ

وهذا حينُ الشُّروع، فيما قدَّمتُه على هذا المجموع، مِن نبذةٍ يَحسنُ إيرادُها، ويتعيَّنُ إفرادَها، بل تعلمُّهَا أمرٌ مفترض، وتَفهُّمُها لا يُهمله إلا مَنْ في قلبِه مرَض. في ذكرِ سيِّدِ البَشَر، وسيِّدِ الخلقِ ممَّنْ مضى وغَبر، الأكملِ خَلْقًا وخُلقَا، والأفضلِ في الرُّقيِّ والارتقاء، صاحبِ المقامِ المحمود (٤)، واللِّواءِ المعقود (٥)، والحوضِ والكوثرِ


(١) العَرَصَات جمع عَرْصَة، بوزن ضَرْبة: كلُّ بُقعةٍ بين الدُّور واسعةٍ، ليس فيها بناء. "مختار الصحاح" ص: ٤٢٤.
(٢) هو عبدُ العزيزِ بنُ عمرَ بنِ محمَّدٍ المكيُّ، المعروفُ بابن فهدٍ، محدِّث مشاركٌ في العلوم، له "بلوغ القِرى لذيل إتحاف الورى"، و "معجم الشيوخ"، مولده سنة ٨٥٠، ووفاته سنة ٩٢٠". "الضوء اللامع "٤/ ٢٢٤، و "الكواكب السائرة" ١/ ٢٣٨.
(٣) محمَّدُ بنُ عليِّ بنِ أحمد، أبو عبد اللّه الأنصاريُّ، التُّونسيُّ اللواتيُّ. ترجم له المصنِّف له في حرف الميم.
(٤) عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: إنَّ النَّاس يصيرون يوم القيامة جُثًا كلُّ أُمَّةٍ تتبعُ نَبيَّها، يقولون: يا فلانُ، اشفع يا فلان، اشفع، حتى تنتهيَ الشَّفاعة إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، فذلك يوم يبعثه اللّه المقام المحمود. أخرجه البخاريُّ في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} ". (٤٧١٨).
(٥) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا سَيِّدُ ولدِ آدَمَ يومِ القيامَةِ ولا فخر، وبيدي لواءُ الحمد ولا فخر .. "، أخرجه الترمذيُّ في كتاب المناقب، باب: في فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣٦١٥)، وقال: حسن صحيح.