للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تحكي ملاطفةَ الأبِ الرَّؤوف، والأمِّ العَطوف، إذا رأى أحدًا سألَ عن حالِه، ثمَّ عن حالِ عياله، ثمَّ عن كلِّ مَن في البيتِ مِن نسائِه ورجالِه، سؤالًا يُشعرُ بالمحبَّةِ في الله لِلُطفِ مقالِه، ويتصدَّى لقضاءِ حوائجِهم بنَفَسٍ مبشوش، ووجهٍ بشوش، قد طهَّرَ اللهُ قلبَه مِن أدناسِ الغُشوش، حتَّى كأنَّه -لِتمكُّنِ الإخلاصِ والوَدادةِ الرَّبانية- ملبوس مرشوش … ، وهي طويلة.

١١٢٤ - دينارٌ المعزيُّ البَدريُّ.

قالَ ابنُ فرحونٍ (١): كانَ مِن خُدَّامِ المسجدِ النَّبويِّ، غايةً في الإحسانِ والخير، قد جعلَ مسكنَه دارَ الشرابي الذي بزُقاقِ الخُدَّامِ موئلًا للخدَّام، ومرفقًا للمرتادين، يعدُّ فيها للمرضى أنواعًا من الأمواهِ والأشربةِ والأغذية، فلا يمرضُ فقيرٌ أو مجاورٌ أو خادمٌ إلا جاءَه في الحين، وحملَ إليه مِن كلِّ ما يحتاجُ إليه، وعطاؤه كالسِّلاطين، إن أعطى ماءَ لسان [الثور] (٢)، أو ماء خِلاق (٣)، وما أشبهَ ذلك ملأَ الإناء، وكذلك يفعلُ في الشَّراب والسُّكَّر وغيرِهما، ومتّى وُصِفَ للفقير دواءٌ سعى في تحصيله حتَّى يأتيه به، ثمَّ إنَّه لا يزالُ يطبخُ في بيتِه الأشياءَ اللَّطيفةَ المناسبة، ويحملُها بنفسِه على يده، لا يستعين بعبدِه ولا بغلامِه، وفعلُه هذا عامّ في جميعِ النَّاسِ حتَّى أهلِ الرُّبطِ والمدارس، فيأتيهم ويترفَّق لهم، ويُشفقُ عليهم ويُشهيهم. هذا فِعلُه فيما ملكتْ


(١) تاريخ المدينة"، ص: ٥٧.
(٢) ما بين المعكوفتين ساقطٌ من الأصل، وقد استدركناه من "نصيحة الشاور ".
قال ابنُ منظورٍ: ولسانُ الثور: نباتٌ، سمِّي بذلك تشبيهًا باللسان. "لسان العرب": لسن.
(٣) قال ابنُ منظور: الجلوقُ والخِلاقُ: ضربٌ من الطِّيب، وقيل: الزعفران. "لسان العرب": خلق.