للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[٤٠٢٨] مُحَمَّدٌ السَّقَّا المعروفُ بأبي حُسينٍ جدُّ بنِي مُحمَّدٍ الكازرونيِّ لأُمِّهِم

كانَ حَسَنَ الوجهِ طويلَ السَّبَلَةِ (١) تصِل لِحيتُه إلى سُرَّتهِ، حَسَنَ الصَّوتِ، أقامَ بالمدينةِ طويلًا وجَاورَ حَميلًا، وكانَ رحمهُ الله يملأُ المسجِدَ بالدَّوارقِ فيصُفُّها من بابِ الرحمةِ (٢) إلى بابِ النِّساءِ، ويجعلُ في أعناقِهَا مُقُطًا (٣) يُقَيِّدُهَا بهِ حَتَّى لا تُسرَقَ ولا تُغَيَّرَ مِن مَكَانِهَا، ومَا عَلمتُه يَأخُذُ عَلَى ذَلِكَ أُجرَةً. وحكى لي أَنَّهُ ربَّى مِن شَارِبِهِ سَبَلَتَينِ حَتَّى طَالَتَا كَثِيرًا، وجَعَلَهُمَا مُنْعَطِفَتَينِ عَلَى فَمِهِ كالقَرنَينِ. قَالَ: وكَانَ مشايِخُ المُجَاوِرينَ وعلماؤُهم يقولُونَ لي: السُّنَّةُ قَصُّ مَا طَالَ مِنَ الشَّاربِ، فَأَنْقِص مِن هَذَينِ القَرنينِ الَّذَين شَوَّهَا وَجهَكَ وغيَّرَا جَمَالَكَ. فَأَقُولُ لَهُم: هَذِهِ سُنَّةُ شيخِي، لا أَتْرُكُهَا لقولِكُم. قَالَ: فبينما أَنَا ذَاتَ ليلةٍ، إذ رأيتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- في المسجِدِ الشَّرِيفِ والنَّاسُ حَوله، وأَنا مِن وَرَاءِ الشُّبَّاكِ الجديدِ الَّذِي في القِبلَةِ في دَارِ آلِ عُمَرَ بنِ الخطابِ. وكلما هَمَمْتُ بالدُّخُولِ مِنَ الشُّبَّاكِ تدخلُ رأسي، فَإِذَا بَلَغَ إلى حَدِّ القَرْنَينِ مَنَعَاني من الدُّخولِ، ورأيتُهُمَا قد صَارَا مِن حديدٍ، فَعجزتُ عَن إدخالِهِمَا، واحترقَ قلبي مِن شِدَّةِ الألمِ عَلَى عَدَمِ


(١) سَبَلَةُ الرَّجُل: ما على الشارب من الشعر، أو طَرَفه، أو هي مُجْتَمَع الشاربَين. والجمع السِّبال. "لسان العرب" مادة (سبل).
(٢) في هامش الأصل عبد القادر الأنصاري: "أول من وضع دوارق الماء بالمسجد".
(٣) المِقاط بالكسر، الحبل الصغير الشديد الفتل، والجمع مُقُطٌ. "لسان العرب" (مقط).