للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكانَ ظهيرُ الدِّينِ قد أسَّسَ القواعدَ وأحكمَ المباني، فكانَ ذلكَ نَصِيرًا للنَّصرِ فيما يُعانِي، كانَ في وِلايتِهِ سعيدًا، وجدَ الأمورَ مُمَهَّدَة فزَادَهَا تمهِيدًا.

كانَ يسدّد الأمرَ المعضلَ تَسدِيدًا، ولا يعالِجُ فيهِ وَعدًا ولا وَعِيدًا، ولا يمازِحُ بطشا ولا تسديدًا، ولا يحاججُ إلَّا بِلطفٍ، لا يخلِطُ به ضَربًا ولا تهديدًا. وهوَ مَع ذلك مُوَقَّرٌ مُهابٌ، معظَّمُ الجانِبِ مَحْمِيُّ الجَنابِ، لا يرجِع عن رأيِهِ بكلامِ الأصحابِ، يستعملُ جُهدَه في إتمامِ ما يقومُ فيه، ولا يكتَرِثُ بمخالفِهِ ومُنافِيهِ، ويكمِلُ صاحبهُ حقَّ الصُّحبةِ ويُوفيهِ.

كانَ آيةً في حفظ آيةِ المنصِبِ وسَورتهِ، غايةً في كمالِ معناهُ وحسنِ صورتهِ، وبهيِّ شَورتِهِ (١).

آخَى الشَّيخَ جمالَ الدِّينِ المطريَّ، وكان لا يخرجُ عن رأيِهِ ومشورَتِهِ، بل يعَامِل جميعَ شُيوخِ العلمِ مُعاملتهُ، ويُنزِلهم في ذلك المعنَى منزلتَهُ، لكن كانَ لهُ بهِ مزيةُ خصوصٍ، وطيرانٌ في هواءِ هواهُ إلى محلٍّ جَناحُ الغيرِ دونهُ مقصوصٌ.

وكانَ رحمهُ اللهُ حَافظًا للقرآنِ، مُحافظًا للأقرانِ، قليلَ الكلامِ، كَثيرَ الصِّيامِ، غزيرَ الإنعامِ، شرحَ اللهُ بهِ صدرَ المجاوِرِين، ولم يتمَّ لهمْ ذلكَ سِوَى أربعِ سِنين، فتُوُفِّيَ رحمهُ اللهُ بعدَ السَّبعِ مئةٍ في عامِ سبعٍ (٢) وعِشرين.

٢٧٦٦ - عطاءُ بنُ أبِي السَّائبِ الكنديُّ، ثُمَّ اللَّيثيُّ (٣).


(١) في الأصل: سورته، والمثبت من "المغانم" ٣/ ١٣٠٧، والشَّور: المنظر. "القاموس": شور.
(٢) في الأصل: سبع، والمثبت هو الصواب.
(٣) "التاريخ الكبير" ٦/ ٤٧٠، و"الميزان" ٢/ ١٧٧. وفي "الثقات": (الكناني) بدل (الكندي). وفي =