للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسَلَكَ في طريقَتِه أَحْسَنَ المَسَالِكِ، وكان إليه مَرجِعُ الفُتْيا على مَذْهَبِ مالِكٍ، ويَسْتَنِيرُ بِأَنْوارِ كَرَاماتِه دَيَاجِيرُ (١) الحَوَالِكِ. وَذَكَرَه ابنُ صالِحٍ في "تاريخه"، وأنَّه مات بالمدينةِ، وَدُفِنَ بالبَقِيعِ، وأنَّه كان بالمدرسةِ الشِّهابِيَّةِ.

١٥٤٩ - سُلَيْمانُ، أبو الرَّبِيعِ، الوَنْشَرِيسِيُّ (٢).

قالَ ابنُ فَرْحونٍ (٣): إنَّه خَلَفَ إبراهيمَ العُرْيانَ بالمدرسةِ الشِّيرازِيَّةِ، وكان من أصحابِنا الكِبارِ، له مجُاهَدَةٌ وتَوَجُّهٌ عَظِيمٌ، وَمُكاشَفَةٌ في كُلِّ حينٍ (٤)، ومتى شُكِيَ إليه مِنْ شِدَّةٍ أو خَوْفٍ اشْتَغَلَ خاطِرُهُ بِتَفْرِيجِها (٥)، وأَطْلَعَهُ اللهُ في المَنَامِ على عاقِبَتِها؛ فلا يَمْضِي يَوْمٌ حتى يُخْبرَ بما يكونُ من أَمْرِها، وذلك شَيْءٌ كان منه دائمًا لإخوانِه ومُعْتَقِدِيهِ. وكان مُكِبًّا على الصِّيامِ والقِيامِ، لا يَزَالُ رَطْبَ اللسان بِذِكْرِ الله والتِّلَاوَةِ، ولا يَتْلُو كَتِلاوَةِ النَّاسِ اليَوْمَ، بل يَرْفَعُ بها صَوْتَهُ، ويُرَتِّلُها تَرْتيلًا عًجِيبًا، مع تَدَبُّرٍ وَتَأَمُّلٍ، حتى يَغِيبَ عن حَوَاسِهِ، وكانت تِلَاوَتُهُ نَظَرًا ليَتَقَوَّى بذلك على التَّدَبُّرِ، ولِأَفْضَلِيَتِها على الغائِبِ، وله شَيْءٌ من التَّصْنِيفِ، ذَكَرَ فيه أَحْوالَ القَوْمِ وطَرِيقَتَهُم، وَفَضْلَهُ، بِمَوَاعِظَ وَتَقْرِيباتٍ يَنتفِعُ بها مَنْ وَقَفَ


(١) جمع ديجور، وهو الظلام. "القاموس المحيط": دجر.
(٢) "الدرر الكامنة" ٢/ ١٦٩.
(٣) "نصيحة المشاور" ص ١١٨.
(٤) هذا من الغلوِّ والمبالغاتِ في مشايخ القوم، وهذه اعتقاداتٌ لها محاذيرُ شرعيةُ خطيرة، فعلِّقْ قلبك بربِّك، وسله تفريجَ الكُرباتِ، تكنْ من الفائزين.
(٥) الله وحده سبحانه، مفرِّج الكروب.