للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واشتغلَ قليلًا، وقرأَ على المناويِّ وغيره، واستقرَّ بعد أبيه في الخطابةِ والإمامةِ بالمسجدِ النبويِّ مع النظر عليه، وجُمعَ له معها القضاءُ حين سَفَرِ أخيه الصلاحيِّ لليمن سنة ثمانين، وبعد عمِّه الوُلَّوِيِّ محمَّدٍ الوظائِفَ كُلَّها، وكان قَدِم القاهرةَ في سنةِ خمسٍ وسبعينَ، وسافر منها إلى الرُّومِ، بل دخل القاهرةَ والرُّومَ قبلُ أيضًا، وكان وجيهًا عظيمَ الهِمَّةِ متودِّدًا للغرباء، اُغتيلَ في ليلةِ السبتِ ثالثَ عشري ذي الحجة سنة اثنتينِ وثمانين عندَ بابِ المسجِدِ النَّبوِيِّ على يد بعض العَيَاشى (١) بمعاونةِ جماعة منهم، لكونه حَكَمَ في الدَّارِ المأخوذةِ منهم، وفازَ بالشهادةِ، ولم يلبثْ أن مات قاتلُهُ بعد مصيرِهِ عبرةً لخُرَّاجٍ طَلعَ على قلْبِه، بل ماتَ قَبْلَه بعضُ من عاونَهُ في القتل، وعَمِيَ آخَرُ كان مِن رُؤُوسِهِم، وصاروا إلى أسوأ حالٍ، رحمه الله وعفا عنه.

[٣٨٦٦] مُحَمَّدٌ صلاحُ الدِّينِ ابنُ صالحٍ (٢)

أخو الذي قبله، وُلِدَ في سادسِ عشري رمضان سنةَ إحدى وأربعين وثماني مئة بالمدينةِ، ونشأَ بها فحَفِظَ القرآنَ وكتبًا، واشتغل وتلا فيها


(١) العَيَاشَى: ويسمون: العياشية، من العوائل الشيعية بالمدينة المنورة كما سماهم السخاوي في ترجمة الشمس محمد بن يحيى الخشبي (٣٩٩٣)، ووقع تسميتهم عند ابن فرحون بالعبابية، ولعله تحريف، قال عنهم ابن فرحون: فِرقةٌ كَبيرةٌ مِن أولادِ المَدِينةِ، مِنْهُم يُوسُفُ الشُّرَيْشِيرُ شيخُ الشّيعةِ وفَقِيهُهُم، وَكَانَ جَدُّهُم مَغْرِبِيًّا سُنِّيًّا، تَزَوَّجَ مِن بناتِ المَدِينةِ وَمَاتَ عَن أولادٍ صغارٍ، فَنَشَؤُوا في مذهبِ أُمِّهِم، ثُمَّ كَثُرُوا وانْتَشَرُوا وتَمَذْهَبُوا بِمَذْهَبِ الشِّيعَةِ وغَلَوا فيهِ. "نصيحة المشاور" ص: ١٧٤.
(٢) "الضوء اللامع" ٩/ ١٠٣.