للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخروجَ، فقالَ لهُ: متى عزمت عليهِ؟ قالَ: الليلةَ، قالَ: فخرجَ وذهبَ معهُ إبراهيمُ، فقالَ بعضُ أصحابِنَا: إنَّ هذا لهُ قِصّةٌ كيف لا يأكلُ معنا ولا يدعُوه إبراهيمُ إلى طعامِنَا وهو مقبلٌ على هذَا المزودِ، واللّه لأفتحنَّهُ فأنظرَ ما فيهِ، ففتحهُ، فإذَا فيهِ عظامٌ، فسدَّهُ، قالَ: وجاءَ الرجلُ فأخذَ المزودَ وأنكرَ رباطَهُ، ثُمَّ نظرَ في وجوهِنَا، ومضى، فلمَّا أن ذهبَ قالَ بعضُ أصحابِنَا لإبراهيمَ: يا أبَا إسحاقَ، مَا أعجبَ حالَ هذَا الرجلِ الَّذِي كان عندنا، لقد نظرَ فلانٌ في مِزودِهِ فرأى فيهِ عظامًا، قالَ: فتغيّرَ وجهُ إبراهيمَ وأنكرَ على ذاكَ الرجلِ فِعلَهُ، وقالَ: ما أحسبُكَ تصحَبُني في سفرٍ بعدَ هذا، لم نظرتَ في مزودِهِ؟ ذاكَ رجلٌ من مُؤمِني الجِنِّ وآخاني في اللَّه تَعَالى، فليس من بلدٍ أدخلُهُ إلا جاءني، فكانَ معي فيه يؤنسني ويعينني ثُمَّ ينصرفُ، قالَ: فمات الرَّجلُ الذِي نظرَ في المزودِ بالمدينةِ بعدَ أيامٍ، رحمهُ اللهُ.

[٥١٣٤] رجلٌ صالحٌ كانَ يحفرُ القبورَ لموتى المدينةِ ممنْ طالَ عمرُهُ في ذلك

قال ابن فَرحون (١): إنَّ الشَّيخَ محمدَ بنَ إبراهيمَ المؤذِّنَ حَكَى له أنَّهُ قالَ لهُ: ما رأيتَ من أعجوبةٍ في هذا البقيعِ، فقالَ: لم أر إلَّا الخيرَ، غير أنني حملتُ ميِّتًا في أيامِ الحاجِّ ولم أجدْ مَنْ يساعدني عليه غيرُ رجلٍ واحدٍ فحملته معهُ ووضعناهُ في اللَّحدِ ثمَّ ذهبَ صاحبي وتركني، فذهبتُ أحملُ اللَّبِنَ لأجلِ لحدِهِ فلمَّا جئتُ بِهِ لم أجدِ الميتَ في لحدِهِ، فذهبتُ وتركتُ القبرَ على حالِهِ.


(١) "نصيحة المشاور" (ص: ١٣٤).