للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لابنِ عَبَّاسٍ. وبه جَزَمَ غيرُ واحِدٍ، ويُقال: إنَّه كان مُكاتَبًا لِأُمِّ سَلَمَةَ.

١٥٤٨ - سُلَيْمانُ، أبو الرَّبِيعِ، الغُمَارِيُّ، المالِكِيُّ.

كان مِنْ شَأْنِهِ التَّجَرُّدُ، وَالتَّقَلُّلُ مِنَ الدُّنْيَا والتَّعَبُّدُ، بِحَيْثُ يَأْخُذُ في المَوْسِمِ قُوتَهُ كفَافًا، وَيَتَصَدَّقُ بما زادَ، وكان الشَّيْخُ عُمَرُ الخَرَّازُ يَشْتَرِي له إدامَهُ، ويُحاوِلُ هو ذلك بِنَفْسِهِ، ولَمْ يَزَلْ كذلك حتى كُفَّ بَصَرُهُ، فَعُرِضَ عليه القِيَامُ بما يَحْتَاجُ مِنَ الإدامِ فأبَى، وكان يَضَعُ القِدْرَ على كانونِ فَحْمٍ، وَيَضَعُ فيها ما تَيَسَّرَ، فإذا طابَتْ أَكَلَ ما وَجَدَهُ فيها على أيِّ وَجْهٍ كان، وَيَنْزُلُ إلى البِئْرِ فَيَمْلَأُ الإبْرِيقَ بِنَفْسِهِ؛ فيقولُ له القَيِّمُ أو غيرُه مِمَّن يَعْتَقِدُهُ: يا سَيِّدِي أنا أَكْفِيكَ ذلك. فَيَأْبَى، وَلم يَزَلْ على طَرِيقَتِهِ حتى ماتَ. قاله ابنُ فَرْحون (١).

قالَ: وَأَخْبَرَنِي الجَمالُ المَطَرِيُّ أنَّ السَّنَةَ التي جاء فيها التَّتَرُ إلى أَطْرافِ الشَّامِ، وتحَرَّكَ عليهم فيها المَلِكُ النَّاصِرُ؛ أَيْقَنَ النَّاسُ أنَّه لا يكون في تِلْكَ السَّنَةِ حاجٌّ، وأنَّ المُسْلِمينَ اشْتَغَلُوا بِأَنْفُسِهم، فَهَمَّ الأَشْرافُ بالمُجَاوِرِينَ والخُدّامِ، وقالوا: نَغْتَالهم وَنَقْتُلُهُم، وَتُطَيَّبُ المدينةُ مِنْهُم. وجالَ الكلامُ بين النَّاسِ حتى أَرجَفُوا بالمُجَاوِرِينَ والخُدَّامِ، قالَ الجَمالُ: فَجِئْتُهُ وهو في الحَرَمِ، فَقُلْتُ له: يا سَيِّدِي ما تَرَى ما النَّاسُ فيه مِنَ الوَعِيدِ والتَّهْدِيدِ؟ فقال لي: ما يقولون؟ فقلتُ: كذا كذا. فقال: إنَّهم يَكْذِبونَ؛ بل هذه السَّنَةُ آمَنُ السِّنِينَ، والسُّلْطانُ طَيِّبٌ، وَسَيَحُجُّ في هذه السَّنَةِ. وكانت سَنَةَ اثْنتَيْ عَشَرَةَ وَسَبْع مئة، قال: فَلَمْ يَلْبَثْ إلا


(١) "نصيحة المشاور" ص ٨١.