للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[٥١٣٨] عابدٌ علويٌّ من أهلِ المدينةِ (١)

روى إبراهيمُ بنُ عبيدِ اللَّه، حدثني أَبي، سمعتُ أبا عامرٍ الواعظَ يقولُ: بينَا أنا جالسٌ في مسجدِ رسولِ اللَّه إذ جَاءني غلامٌ أسود بِرُقعةٍ فقرأتُهَا فإِذَا فيهَا مكتوبٌ: بسمِ اللَّه الرحمنِ الرحيمِ، متَّعَكَ الله بمسَامَرَةِ الفكرةِ، ونعَّمَكَ بمُؤَانسَةِ العِبرَةِ، وأَفردَكَ بحبِّ الخلوةِ يا أبا عامرٍ، أنا رجلٌ من إِخوَانِكَ بَلغنِي قدومُكَ المدينةَ، فسُرِرْتُ بذلكَ وأَحببتُ زيارَتَكَ، وَبي منَ الشوقِ إلى مُجالسَتِكَ والتِمَاسِ مُحادَثَتِكَ (٢) ما لوْ كانَ فَوقِي لأَظلَّنِي ولو كانَ تحتيَ لأقلَّنِي، فَسألتُكَ بالذي حَبَاكَ بالبلاغةِ لما ألحفْتَنِي جَناحَ التَوصُّلِ بزيارتِكَ، والسلامُ.

قالَ أبو عامرٍ: فقمتُ معَ الرسولِ حتى أتَى (٣) إلى قُباءٍ فأدخلنِي منزلًا رحيبًا خَرِبًا فقالَ لي: قفْ ها هنَا حتى أستأْذِنَ لكَ، فوقفتُ، فخرجَ إليَّ، فقالَ لي: لِجْ، فدخلتُ، وإذَا ببيتٍ مفردٍ في الخَرِبَةِ لهُ بابٌ من جَريدِ النَّخلِ، وإذا بِكَهْلٍ قاعدٍ مستقبلَ القبلةَ تَخَالُهُ منَ الوَلَهِ مَكروبًا، ومنَ الخَشْيَةِ محزونًا، قد ظَهرَتْ في وجْهِهِ أَحزَانُهُ، وذَهبتْ منَ البكاءِ عَيناهُ، ومَرضتْ أَجفانُهُ، فَسَلَّمْتُ عليهِ، فردَّ عليَّ السلامَ، ثمَّ تخللَّ فإذا هو أَعمى أَعرجُ مسقامٌ، فقالَ لي: يا أبا عامرٍ -غسَل الله منْ رَان الذنوب قلبَكَ- لم


(١) ذكر هذه القصة ابن الجوزي في "صفوة الصفوة" ٢/ ١٩٣.
(٢) في "صفوة الصفوة" ٢/ ١٩٤: والاستمتاع إلى محادثتك.
(٣) هنا زيادة كلمة: [بي] في "صفوة الصفوة" ٢/ ١٩٤.