للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذهبَ خيارُها، ووقعَ عَليهَا المطرُ، ثُمَّ كبِرَ الأولادُ، فتسلَّمُوها مِنه، وبِيعتْ، فامتلأَتِ المدينةُ حتَّى صارَ في كلِّ بَيتٍ مِنها جَانبٌ من علومٍ لا يعرفُها أحدٌ مِن أهلِ زَمانِنَا، ولا يَفهمُها إلَّا مَن عالجَ أصولهَا، وأدركَ شيُوخَها، ولقد بِيع مِنها نحوُ أربعةَ عشرَ مُجلدًا، كلُّ كتابٍ بدِرهمٍ من النُّسخِ المليحةِ الصحِيحَةِ. قاله ابنُ فرحونٍ (١). قالَ: وكانَ مِن رؤساءِ أهلِ المدينةِ وخِيارِهم، ممَّن يوالِي المجاوِرين ويخدِمُهم في قضاءِ حوائِجِهم، معَ جلالةِ قدرِهِ، وعلوِّ كلمتِهِ، ومحبَّةِ الأمراءِ له، ولذا أسنَدَ المذكورُ أولًا وصيَّتهُ إليهِ.

٢٨٣٠ - عليُّ بنُ طاهرِ بنِ مُعوّضةَ ابنِ تاجِ الدِّينِ، الشَّيخُ شمسُ الدِّينِ، أبو الحسنِ (٢).

مَلِكُ اليمنِ في عَصرنا، ويُعرف بابنِ طاهرٍ. جاورَ قبلَ تملُّكِهِ بالمدينةِ، وتزوَّجَ ابنةَ أبِي الفتحِ ابنِ عَلْبَك، وعائشةَ القطانِيَّةَ، واحدةً بعدَ الأُخرَى.

وكانَ مُديمًا للتِّلاوَةِ والاستغَاثةِ، بحيثُ كانَ لما تحرَّكَ لليمنِ صارَ يتوسَّلُ بذلكَ إلى أن استولَى على مملكةِ اليمنِ، مملكةِ بنِي رسولٍ بالسَّيفِ، وكانَ تملُّكُهُ عدنَ في سنةِ ثمانٍ وخمسين، وزَبِيْد في التي تلِيهَا، وتَعِزّ (٣) فيما بينَهُما، وملكَ حِصنَ حبٍّ، وهو حصنُ الملكِ ذُو رُعَين (٤) مِن مُلوكِ حِمْيَر، المعقلُ الذِي ليسَ في اليمنِ مثلُهُ


(١) "نصيحة المشاور" ص ١٦٢.
(٢) "الضوء اللامع" ٥/ ٢٣٣.
(٣) تَعِزُّ: قلعة عظيمة من قلاع اليمن المشهورات. "معجم البلدان" ٢/ ٤٠.
(٤) ذو رُعَين: أحد ملوك اليمن، اسمه: يريم بن زيد. "إكمال الكمال" ٤/ ١٨٧.