للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال خليفةُ (١): عزلَ -يعني المنصورَ- عبدَ الله بنَ الرَّبيعِ الحارثيَّ عن المدينةِ، فوَليها جعفرٌ هذا ثلاثَ سنين، وعُزِلَ في سنةِ تسعٍ وأربعين ومئةٍ بالحسنِ بنِ زيدٍ العلويِّ، وكذا استعملَه المهديُّ (٢) عليها في سنةِ إحدى وستين، وأمرَ بالزِّيادةِ في المسجدِ، فزِيدَ فيه كما بُيِّنَ في محالِّه، وجعفرٌ هذا هو الذي تجرَّأَ على الإمامِ مالكٍ حينَ أفتى بأنَّ طلاقَ المُكرَهِ ليسَ بشيءٍ، وقال -رضي الله عنه-: ضُربتُ فيما ضُربَ فيه سعيدُ بنُ المسيِّب، ومحمَّدُ بنُ المنكدِرِ، وربيعةُ، ولا خيرَ فيمَنْ لا يُؤذَى في هذا الأمرِ، قالَ لأصحابِه: أُشهِدُكم أنِّي جعلتُه في حِلٍّ، بل لمِّا أقادَه المنصورُ منه، قالَ له: أعوذُ باللهِ، قد جعلتُه في حِلٍّ، لقرابتِه مِن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-.

وروي أنَّه أجازَ قُدامةَ بنَ موسى، على ثمانيةِ أبياتٍ ثمانَ مئةِ دينارٍ، وبعثَ لمَّا وَلِيَ المدينةَ لابنِ أبي ذِئبٍ مئةَ دينارٍ، فاشترى منها ديباجًا كُرديًا بعشرةِ دنانير، فلبِسَه عُمُرَهُ، وقدِمَ -وهو عليه- بغدادَ. قال الأصمعيُّ: حدَّثنا حمَّادُ بنُ زيدٍ، قال: غسَّلتُ جعفرَ بنَ سليمانَ، وزَرَرْتُ عليه قميصَه حينَ ألبستُه الكفَنَ، انتهى. ماتَ سنةَ أربعٍ، أو خمسٍ وسبعين ومئةٍ، وله ذِكرٌ في: أبي بكرِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ محمَّدِ بنِ أبي سَبرةَ، وكذا سيأتي له ذِكرٌ في: محمَّدِ بنِ داودَ بنِ عيسى، وأنَّهُ أوَّلُ مَنْ خطبَ على المِنبر؛ مِنبرِ مكَّة والمدينةِ، وجُمعَ له ذلك في الولايةِ في خلافة بني هاشمٍ، والله أعلم.

٧١٣ - جعفرُ بنُ سليمانَ النَّوْفَليُّ، المدَنيُّ (٣).


(١) " تاريخ خليفة" ص:٣٤٨
(٢) محمَّدُ بنُ عبدِ الله بنِ محمَّدٍ، أبو عبد الله المهدي، ولي الخلافة بعد موت أبيه سنة ١٥٨ هـ، كان محمود العهد والسيرة، توفي سنة ١٦٩. "سير أعلام النبلاء" ٧/ ٤٠٠.
(٣) "تاريخ الإسلام" وفيات ٢٨١ - ٢٩٠ ص: ١٤٠.