للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ظنًّا، وكانَ قصدُهُ حينَ قدِمَ المدينةَ استيطانَها، ولكنَّه استثقلَ لما ظهرَ له من أئمتِها الإعادة عملًا بمقتضى مذهبِه في الوجوبِ (١)، فانتقلَ لمكَّةَ، فلم يسلم من المحذور، فانتقلَ إلى الطَّائفِ، ثمَّ عادَ لمكَّةَ، رحمَه اللهُ.

[٤٣٢٣] موسى المغربيُّ، ثمَّ الغَزَّاويُّ

لكثرةِ إقامتِه بغزَّةَ، بحيثُ كانت له بها سمعةٌ وصَولةٌ، وفتكٌ بالخاطر (٢). قالَ لي: كنتُ إذا نهيتُ ظالمًا، فلم ينتهِ قتلتُه بخاطري، واشتُهر ذلكَ عنه، قالَ: فلمَّا قدمتُ المدينةَ، أردتُ تلكَ السِّيرةَ، فمُنعتُ منها، وكنتُ رأيتُ في المنامِ قبلَ دخولي لها أنَّ رجلًا غلبَ عليَّ، وأخذَ منِّي سِكِّيني، فدفنَها في كَومِ ترابٍ، بناحيةِ مسجدِ مُصلَّى العيدِ، فعلمتُ أنني قد سُلبتُ حالي في التَّصرُّفِ في أهل المدينةِ؛ لبركةِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ لا يقدرُ أحدٌ بحضرتِه يتصرَّفُ بغيرِ أمرِه. وقالَ لي: عزمتُ عليك مرارًا إذ أغضبتني في قضية كذا، وقضية كذا، وعدَّدَ عليَّ قضايا أنكرتُها عليه، فمنعتُ منكَ حتَّى رأيتُكَ في النومِ متعلِّقًا بأعلى شُبَّاكِ الحجرةِ وأنا واقفٌ تحتكَ معي سِكِّينٌ أُشيرُ بها إليك، وأنتَ تهزأُ بي، فعلمتُ أني لم أُسلَّطْ عليك، فكففتُ، وتركتُ الخاطرَ عني.

وكان يصحبُ النَّاسَ بالمرائي التي له، ويرى أنَّها كالوحي، لا تكاد تخطئ، فتراه يهجرك، ثمَّ يصِلُكَ مِن غيرِ موجبٍ ظاهرٍ، لذلك أخبرني


(١) ينظر "مواهب الجليل"، للحطاب ٢/ ٤٣١.
(٢) هذا يشبه العائنَ الذي يصيب بالعين.