للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٦٧٢ - محمَّدُ بنُ عبدِ الله، الشَّمسُ الخُجَنديُّ، نزيلُ المدينةِ (١).

قالَ ابنُ فرحونٍ (٢): إنَّه كَانَ مِن أكابرِ المجاورينَ المتأخِّرين، أصحابِ المجاهدةِ والصَّبرِ العظيمِ على مشقَّةِ العبادة، والعُزلةِ عن النَّاس، بحيثُ يسكن بكِرَاءٍ خوفًا مِن مُساكنَةِ أهلِ الرِّباطِ، وكانَ يعملُ أربعينيَّاتٍ، يعتزلُ فيها عن النَّاسِ وكلامِهم (٣)، ويأكلُ فيها اليسيرَ مِنَ الطعام، ولا يقطَعُ الصلاةَ في المسجدِ الشَّريفِ، بل يجعلُ على رأسِه ما يغطِّي به وجهَهُ، ويمنَعُه الاشتغالَ بالنَّظَرِ إلى ما يَشْغَلُهُ، ويأتي الرَّوضةَ في الصفِّ الأوَّل فيصلِّي، ثمَّ يرجعُ في الحينِ إلى بيته، فلا يزالُ في صلاةٍ وذكرٍ ودعاءٍ.

أخبرني السِّراجُ عبدُ اللطيفِ ابنُ العلَّامةِ الشَّمسِ محمدٍ الزَّرَنْدِيُّ، -وكانَ جاَرَهُ، ودارُه تُطِلُّ عليه- قالَ: كنتُ لا أقومُ ساعةً من اللَّيلِ إلا وأسمَعُهُ إمَّا يَذْكُرُ؛ أو يَقْرَأ؛ ويدعو، ويستغفرُ مَعَ بُكاءٍ وعَويلٍ، وكانَ قد بُورِكَ له في الطَّعامِ.

أخبرني الشَّمسُ الحَليميُّ (٤) رحمَه اللهُ أنَّه أعطاه صاعًا مِن الدَّقيقِ، وقالَ: اعمل لي منه، وأرسل إليَّ كلَّ ليلةٍ منها بحَفنةٍ مطبوخةٍ. قالَ: ففعلتُ، واستمرَّ على ذلك


(١) "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٨٧، و"الدرر الكامنة" ٤/ ٣١٨.
(٢) "نصيحة المشاور"، ص: ١٦٧.
(٣) يحتجُّ لها الصوفية بخلوة النبيِّ في غار حراء، لكن فعله هذا قبل البعثة، وقبل نزول الشرع بالأحكام.
(٤) شمسُ الدِّين، محمَّدُ بنُ يوسفَ الحليميُّ، المدني، فقيهٌ حنفيٌّ، زاهدٌ ورعٌ، رحل إلى دمشقَ، فأخذ عن علاء الدين القونوي، كان خيِّرًا ورعًا، توفي سنة ٧٦٦ هـ. "نصيحة المشاور"، ص: ١٧١، و"الدرر الكامنة" ٤/ ٣١٦.