للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منهُ، وأمتَنُ تدبيرًا ورأيًا في القضاءِ؛ فكانَ كَلِمَةَ اتِّفَاقٍ، وإنْ كانَ ذاكَ في عدمِ الحرصِ وتقريبِ الفقراءِ أشبهَ، واستمرَّ هذا في تعلُّلِهِ حتَّى ماتَ في ليلةِ خامسِ المحرَّمِ سنةَ خمسٍ وتسعينَ بعدِ إخبارِهِ أنَّه رأى في منامِه الشَّريفَ النَّسَّابةَ (١)، وامرأةً جميلةً وقعَ في خاطرِه أنَها حُوريَّةٌ، وقالتْ: إنَّها تحفةٌ، وسألها أنْ تأخذَهُ معها؛ فقالت: لا يكونُ في هذا الشَّهرِ، ولا الذي يليه، ووَثِقَ بكلامِها، بحيثُ إنَّهُ لما فهمَ مِن وَلَدِهِ العزمَ على ترك الحَجِّ لاشتغالِهِ به قالَ له: اذهبْ، أمَا قلتُ لكَ: إنني لستُ أموتُ في هذا الشَّهرِ ولا الذي يليه، فامتثلَ (٢)، وكانَ كذلكَ -رحمه الله-، وتركَ أولادًا: شقيقينِ للمُشارِ إليه هما أَحْمَدُ ومُحَمَّدٌ، وغيرَهما من ابنةِ المحبِّ المطريِّ وغيرِها.

وكنتُ في أواخرِ ذي الحِجَّةِ مِن التي قبلَها زرتُهُ في بيتِه من المدينةِ، وأضافَني مع كونِهِ مُشتغلًا بِعِلَّتِهِ، ودُفِنَ بالبقيعِ خلفَ ضريحِ إمامِ مذهبِهِ مالكٍ، رحمَه الله وإيَّانَا.

٣٤٤٧ - مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أبي نصيرٍ، الشَّمسُ، أبو عبدِ اللهِ ابنُ أبي العبَّاسِ، البغداديُّ، ثُمَّ الدِّمشقيُّ، الحنبليُّ، الزَّاهدُ، ويُعرف بالدَّباهيِّ (٣).


(١) بدرُ الدِّينِ، حسنُ بنُ مُحَمَّدٍ، ولد سنة ٧٦٧ هـ، وتوفي سنة ٨٦٦ هـ. "نظم العقيان" ص:٣٧.
(٢) هذا من علم الغيب، وقد قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥].
(٣) "الوافي بالوفيات" ١/ ٢١٠، و "أعيان العصر وأعوان النصر" للصفدي ٢/ ٢٣٦.