للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قبرِه قبَّةٌ عظيمةٌ (١)، وترجمتُه تحتملُ مجلَّدًا ضخمًا، فقد أتيتُ منها في أوَّلِ (طبقات المالكية) (٢) بما لا يكادُ يوجدُ مجتمعًا.

وكانَ عظيمَ الجلالةِ، زائد الوقار، ثِقةً، ثبتًا، حخةً، عالمًا، ورعًا، وهو -على المعتمدِ- المشارُ إليه بحديثِ (٣): "ليضرِبَنَّ النَّاسُ أكبادَ الإبلِ في طلبِ العلمِ، فلا يجدون أحدًا عالمًا أعلمَ من عالم المدينة".

وقد كانَ مالكٌ رحمَه اللهُ ممَّنْ خالطَ النَّاسَ أوَّلًا، ثمَّ اعتزلَ آخرَ عمرِه، بحيثُ قيلَ: إنَّه أقامَ ثمانَ عَشْرَةَ سنةً لم يخرجْ إلى المسجدِ، فقيلَ له في ذلكَ؟ فقالَ: ليسَ كلُّ أحدٍ يُمكنُه أنْ يُخبرَ بعذرِه.

واختُلفَ في عذرِه، فقيل: خوفًا مِن رؤيةِ المناكيرِ، وقيل: حتَّى لا يمشيَ إلى السُّلطانِ، وقيلَ: إنَّه كانت به إِبردة (٤) وكانَ يرى تنزيهَ المسجدِ عنها، ذكرَه القاضي أبو بكرِ ابنُ العربيِّ (٥) في "سراجِ المريدينَ" له.

٣٣٣٩ - مالِكُ بنُ أَوْسِ بنِ الحَدَثانِ، أبو سعيدٍ البصريُّ، المدَنيُّ (٦).


(١) جميعُ القباب قد أزيلت من البقيع منذ زمان، والحمد لله.
(٢) "طبقات المالكية" للمؤلف غير مطبوعٍ.
(٣) أخرجه أحمد في "المسند" ٢/ ٢٩٩، والترمذي في كتاب العلم باب: ما جاء في عالم المدينة (٢٦٨٠)، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ.
(٤) إِبْردة: بالكسر: بردٌ في الجوف. "القاموس المحيط": برد.
(٥) محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ الأندلسيُّ، الإشبيليُّ، المالكيُّ، صاحب التصانيف، ولدَ سنةَ ٤٦٨ هـ،، وتوفي بفاس سنة ٥٤٣ هـ. "وفيات الأعيان" ٤/ ٢٩٦، و"سير أعلام النبلاء" ٢٠/ ١٩٧.
(٦) "أسد الغابة" ٥/ ١١، و "سير أعلام النبلاء" ٤/ ١٧١.