للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالَ ابنُ فرحونٍ (١): استقرَّ في مَشيخةِ الخُدَّامِ بالمدينةِ بعدَ مختارٍ الأشرفيِّ (٢)، وكانَ قبلَ ذلكَ مِن إخوانِ المجاوِرين وأحبابِهم، مؤَاخيًا للجمالِ المطريِّ لا يخرجُ عن رأيِهِ ولا مشورَتِهِ، وإنْ كانَ كلُّ الشُّيوخِ معهُ كذلكَ، لكن هذَا كان لهُ أعظمَ، وبه أبرَّ.

وكانَ مِن أحسنِ النَّاسِ صورةً، وأكملِهِم معنًى، يحفظُ القرآنَ، ويُكثِر الصِّيامَ، مُهابًا في جماعتِهِ بدونِ ضربٍ منه ولا تهدِيدٍ، ولا وعدٍ ولا وعيدٍ، وَجدَ الأحوالَ بعدَ الذِي قبلَهُ متمهِّدَةً، فزادَهَا تمهيدًا، وكانَ معَ ذلكَ إذا قَامَ في أمرٍ لا يتحَوَّلُ عنهُ لأحدٍ. أقامَ في المشيخةِ أربعَ سنين، وماتَ سنةَ سبعٍ وعشرِين وسبعِ مئةٍ، واستقرَّ بعدَه فيهَا عزُّ الدِّينِ دينار.

وقد مَضى في شفِيعٍ الكَرْمُونيِّ (٣) أنَّه ابتَنَى هو وصاحبُ التَّرجمةِ دارَينِ عظِيمَتينِ، غرِمَا عليهِما مالًا عظيمًا، وتعبَا فيهِما كثيرًا، ولم يَسكنَا فيهما، ولم يُمتَّعَا بهمَا حتَّى مَاتَا، عوَّضَهُما اللهُ خيرًا ورحمهمَا.

وذكرهُ المجدُ (٤)، فقالَ: الشَّيخُ ناصرُ الدِّينِ، وَلِيَ مشيخةَ الخُدَّامِ بالحرمِ الشَّريفِ النَّبويِّ، صلى الله على ساكنِهِ وسلَّمَ، بعدَ وفاةِ ظَهيرِ الدِّينِ مختارٍ الأشرفيِّ.


(١) "نصيحة المشاور" ص ٤٥.
(٢) شيخُ الخدَّام، قرَّره الناصر قلاوون سنة ٧١٩ هـ، نصرَ أهلَ السنة، وقمع الرافضة. "نصيحة المشاور" ص ٤٤، و"الدرر الكامنة" ٤/ ٣٤٥.
(٣) المجلد الثالث، الترجمة (١٦٢٩).
(٤) "المغانم المطابة" ٣/ ١٣٠٧.