للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكذا دخلَ حلبَ في التي يليها، وسمعَ بها على حافظِها البرهانِ (١) اليسيرَ مِن شرحِه على "البخاري"، وأجازَ له، والشَّامَ، وجزيرةَ ابنِ عمرَ (٢) وجالَ، ولمَّا قامَ الأمينُ الأقصرائيُّ بتحريكِ طوغانَ الشَّيخِ له سنةَ إحدى وستينَ وثمانِ مئةٍ في إحداثِ إمامٍ للحنفيَّةِ بالمدينةِ، كانَ هو المقرَّرَ في الإمامةِ شِركةً لمحمَّدِ بنِ عليِّ بنِ محمَّدِ بنِ عليٍّ الزَّرنديِّ، ولكنْ لم يباشِرْها إلا صاحبُ التَّرجمةِ، ثمَّ إنَّه استقلَّ بها حتَّى ماتَ، واستمرَّتْ في ذُرِّيَّتِهِ، وقد جمعَ "جزءًا" بليغا، نظمًا ونثرًا في سرقةِ قناديلِ المدينةِ سنةَ ستين وثمان مئةٍ، سماه "عجائبَ القدرةِ فيمَنْ تَهَجَّمَ على قناديلِ الحجرةِ".

ماتَ في ليلةِ الجمعةِ عاشرَ ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ سبعينَ وثمان مئةٍ، عن ستينَ سنةً، لاتِّفاقِ ليلتيْ مولدِه ووفاتِه وشهرِهما، ومِن نظمِه:

أملٌ يطولُ وفي آجالِنا قِصرُ … والدَّهرُ يُنْكي، وفي الأيام مُعْتَبرُ

والنَّفسُ في غفلةٍ عمَّا يُرادُ بها … والقلبُ من قَسْوَةٍ كأنَّه حَجَرُ

وقوله:

أُضامُ وأوفى العالمينَ بذمَّةٍ … خَفيرٌ (٣)، وحاشى أنْ يُضامَ له جَارُ

فيا مصطفى يا ابنَ الذَّبيحينِ غارةً … إليكَ منيعَ الجارِ مِن معشر جاروا (٤)


(١) البرهان الشامي إبراهيم بن أحمد، تقدم.
(٢) جزيرة ابن عمر: بلدة فوق الموصل، ويحيط نهر الدجلة بها إلا من ناحية واحدة شبه الهلال. "معجم البلدان" ٢/ ١٣٨.
(٣) الخفر: المجير. "القاموس": خفر. وفي هذا استغاثة بالنبي، وهو غير جائز، كما تقدم.
(٤) "الضوء اللامع" ٦/ ٢٤٦. وهذه استغاثة بغير الله، وقد مضى التنبيه في الترجمة رقم (٣٤١٦) أن الدعاء لا يقصد به إلا الله تعالى، لقوله عزَّ وجل {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: ١٨] =