للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَجَدَه لِقِلَّتِهِ وعَدَمِهِ. وكانَ يقُولُ لِكُلِّ مَنْ وقفَ عليه من الكِبارِ والصِغارِ: كَم في بيتِكَ مِن العِيالِ؟. فيَذكرُ له عَدَدَهُم قلُّوا أو كَثُرُوا، فلا يزِيدُهُم على تَمرةٍ تمرةٍ حتَّى يكادَ يَعُمُّ أهلَ البَلَدِ كُلَّهَم فَقيرَهم وغَنيَّهم، كبيرَهم وصَغيرَهم، ثُمَّ يُصبِحُ على ذلكَ كُلَّ يومٍ من أوَّلِ النَّهارِ إلى آخرِهِ.

جِئتُهُ مرَّةً فأعطَاني عَشرَ تمراتٍ، فلمَّا خرجتُ من عندِهِ استَقلَلتُها فأعطيتُها فقِيرًا سَقَّاءً، وكنتُ يومئذٍ صغيرَ السِّنِ جِدًّا، ثُمَّ نَدِمتُ على إعطائِي إيَّاهَا لهُ، فأنَا إلى اليَومِ أذكرُها لما وجدتُ حِينَئِذٍ مِن فَقدِها.

وأخبَرنِي جماعةٌ أنَّهُ لمَّا أقامَ بِمَكَّةَ أنفَقَ على أهلِها وضُعَفَائِها أموالًا مُستَكثَرةً، فرُفِعَ خبرُهُ إلى الشَّريفِ أَظُنُّهُ حُميضَةُ، فحاك ذلكَ في صدرِه، ثُمَّ دَخَلَ على الشَّيخِ بيتَه على حينِ غَفلةٍ، فرَحَّبَ بِهِ وأجلَسَهُ في وَسَطِ بيتِهِ، وقَدَّمَ إليه كُسَيرَاتٍ وشَيئًا من المُخَلَّلاتِ.

فقالَ: ما أُرِيدُ إلا أن تُرِيَنِي ما في بيتِكَ أو تُعْطِيَنِي وحاشيتِي ما يكفِينِا. فقالَ لهُ: البيتُ بينَ يديكَ، والله مَا أَدَّخِرُ عنكَ شيئًا. فقامَ هُو وأعوانُهُ وفَتَّشُوا البيتَ بل وحَفَرُوهُ، فلم يَجِدُوا فيه سِوى براني المخلَّلِ وما لا يُعبَأُ بِهِ، فَتَرَكُوهُ وانصَرَفُوا، ولم يزل مُستَمِرًّا على ذلكَ الإنفاقِ حتَّى ماتَ.

قالَ لي الجمالُ المَطَرِيُّ: كانَ شُيوخُ مَكَّةَ يُنكِرُونَ عليهِ شيئًا من أحوالِهِ، وذلك أنَّهُ كانَ كثيرَ الطَّوافِ ليلًا ونهارًا، فيطوفُ معه بِاللَّيلِ نِساءٌ مُخَدَّرَاتٌ وغيرُ مُخَدَّرَاتٍ، فيأخذُ في مُؤَانَسَتِهِنَّ والكلامِ مَعَهُنَّ. ويقولُ: أنتِ فلانةٌ، كيفَ أنتِ؟ وكيفَ حالُكِ؟ يَعرِفُهُنَّ واحِدَةً واحِدَةً، ورُبَّما