للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبا بكرٍ الشّيرَازِيَّ، فَكَانَ يَأخُذُ نفسَهَ بالمجاهدةِ والعبادةِ وقيامِ الليلِ، ويَعتَكِفُ العَشرَ الأواخِرَ مِن رَمَضَانَ في المسجدِ فلا يخرُجُ حَتَّى يتورَّمَ قدَمَاهُ وساقاهُ، وكانَ هُوَ وأبو بكرٍ المذكُور يَتَقَوَّتُانَ في كُلِّ ليلةٍ بعشرِ زَبيباتٍ، لكُلِّ واحدٍ خمسٌ، وأوقاتًا يَطوُونَ، حَتَّى إنَّهُما إذَا خَرجا مِن مُعتَكَفِهِما لا يُعرَفانَ مِن النُّحولِ والذُّبُولِ، ثُمَّ إنَّ الشَّيخَ أحمدَ التُّستَرِيَّ زَوَّجَهُ ابنتَهُ، فَلَمْ يُقِم معها، فطلَّقَهَا وتَزوَّجَ أختَ الفقيهِ محمّدِ بنِ صالحٍ نائبِ الخَطابةِ والإمَامةِ، فَرُزِقَ منها ابنًا صالحًا قارِئًا مُتَفَقِّهًا.

ماتَ صاحبُ التَّرجمةِ بطريقِ مَكَّةَ بوادِي الصَّفراءِ محرِمًا بالحجِّ في سنةِ ثمانٍ وثلاثينَ وسبعِ مِئَةٍ، وذكرهُ صِهرهُ ابنُ صالحٍ فقَال: الشَّيخُ صالحُ الدِّينِ التقيُّ العابدُ الفقيهُ زوجُ أختِي أمِّ مالكٍ، كانَ عزيزَ النفسِ كريمَ الخُلُقِ كثيرَ الصَّمتِ لهُ قلبٌ مليحٌ يحبُّ الصَّالحينَ ويعظِّمُهُم بَارًا بأمِّهِ كَثيرَ الحياءِ منهَا، انقطعَ بالمدينةِ على فقهٍ وعِفَّةٍ وتقنُّعٍ بالقليلِ من خَشِنِ العَيشِ، يتعبد ويُدرِّسُ القرآنَ ويُكثِرُ العِبادةَ في الشُّهورِ الثَّلاثةِ وصيامَها ويقطعُ غالبَ أوقاتهَا نهارًا في المسجدِ يتلُو في المصحفِ ويعتكفُ العشرَ الأخيرَ من رمضانَ في مسجدِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- محافظًا في ذلكَ على مذهبِ إمامهِ حتَّى يتعجَّبَ مَن يعرِفُهُ من حالهِ، تركَ ببلدهِ أموالًا كثيرةً وأتى المدينةَ بعدَ وفاةِ أُمِّهِ، وبقِي سِنينَ مجرَّدًا على قَدَمِ الفقرِ والعبادةِ، وأقرأَ الأبناءَ في المكتبِ في بعضِ الأوقاتِ، ثُمَّ زوَّجهُ الشَّيخُ أحمدُ الشُشتريُّ بابنتهِ وأولدَها ولدًا ثم فارقَها، فتزوَّجهَا الشيخُ يحيى القُسَنطِينيُّ، وزوَّجتُهُ أختِي خِدنًا له واختيارًا فرُزِقَ منهَا أربعةَ أولادٍ ابنتينِ وذَكَرينِ