للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وساق الزُّبيرُ بنُ بكَّارٍ عن مصعبِ بنِ عثمانَ أنَّ أبا حمزةَ الرَّبعي (١) دخلَ على زيادٍ والي المدينة هذا، فقال: أصلحَ اللهُ الأميرَ، بلغني أنَّ أميرَ المؤمنين وجَّهَ إليك بمالٍ تقسمُه على القواعدِ، والعُميانِ، والأيتامِ، فأثْبِتْني في القواعدِ، فقال: يرحمُكَ اللهُ، إنَّما القواعدُ: اللاتي قعدْنَ عن الأزواج، وأنت رجلٌ، فقال: ففي العُميانِ، فقال: أمَّا هذا فنَعَمْ، فإنَّ اللهَ تعالى يقول: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (٢)، وأنا أشهدُ أنَّ أبا حمزةَ أعمى، قال: واكتب بَنِىَّ في الأيتام، فقال: يا غلامُ اكتبهم، فمَنْ كانَ أبوه أبا حمزةَ فهو يتيمٌ.

وقالَ الواقديُّ: طلبَ زيادٌ ابنَ أبي ذئبٍ (٣) ليستعملَه، فأبى، فحلفَ ليَعملنَّ، وحلفَ ابنُ أبي ذئب لا يعمل، فأمرَ زيادٌ بسجنِه، فقالَ: يا ابنَ الفاعلة، وقال ابنُ أبي ذئب: واللهِ ما مِن هيبتِكَ تركتُ الرَّدَّ عليكَ، ولكنْ دته، ثمَّ كلَّموا زيادًا فيه، فاستحيى وندمَ، وأرادَ تطييبَ قلبِه، وأخذَ يتحيَّلُ في رضاه، حتَّى توصَّل إليه، وأهدى له جاريةً على يدِ ابنِ أخيهِ -مِنْ حيثُ لا يشعرُ- محمَّدٍ، فهي أمُّ ولدٍ لابنِ أبي ذئب، ماتَ في عشرِ الخمسين ومئةٍ، وهو عندَ الفاسيِّ (٤) مطوَّلٌ.


(١) هو مِن ولدِ ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطلب، كما في "المنتظم" ٨/ ١٦.
(٢) سورة الحج، آية: ٤٦.
(٣) في الأصل: ذياب، وهو تحريف، وسيأتي فيها على الصواب بعد قليل، وانظر: "تاريخ مدينة دمشق" ١٩/ ١٦٠، وابنُ أبي ذئبٍ اسمُه: محمَّد بن عبد الرحمن، تأتي ترجمته في حرف الميم.
(٤) "العقد الثمين" ٤/ ٤٥٤.