للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السَّلْطَنَةِ بإظهارِها وإخمادِ البِدَعِ، وأَمَرَ بالنِّداءِ بالمدينةِ في ثامن عشرَ ذي الحجةِ منها أن لا يَحْكُمَ مع القاضي شَمْسِ الدِّينِ ابنِ السَبْعِ غيرُه، ومَنْ تَعَرَّضَ لذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نفسَه، فَمِن يومئذٍ انقطعَ أمرُهم ونَهيُهم بالكلّية، وظهر أمرُ السُّنةِ، واجْتَمعت الكلمةُ، وَوَجَدْنا على الحقِّ أعواناً.

ثُمَّ إنَّ الأميرَ مَنَعَ أيضًا أن يدخلوا معه الحُجرةَ إذا أرادَ الزِّيارةَ، وأقام مُقامَهم الفقيهَ بُرْهانَ الدِّينِ إبراهيمَ بنَ عبدِ الله المُؤَذِّن، وصاروا كما قال الله: {فَوَقَعَ الْحَقُّ} (١) الآية. وابتدأَ في عَمَلِ الجنْدَقِ الذَي حَولَ سُورَ المدينة، ولَمْ يَلْبَثْ أن مات بعد سَنَةٍ ونحوِ أربعةِ أشهرٍ من جُرْحٍ أصابه في معركةٍ ثامنَ عشرَ ربيع الآخِرِ سنةَ اثنتين قَبْلَ إكمالِ السّورِ، فأكمله ابنُ عَمّهِ فَضْلُ بنُ قاسمِ بنِ جَمّازٍ المُسْتَقِرُّ بَعْدَه. وكان في دولتهِ من أحسنِ الأمراءِ سيرَةً، شُجاعًا وافرَ الحِشْمَة، ناصرًا للسُّنَّة، قامِعًا للبِدْعَة، مُتَخَلَّقًا بذلك، مُسْتَجْلِبًا به رضى السَّلْطَنَةِ. قاله ابنُ فَرْحون (٢).

وذكره المَجْدُ (٣)، فقال: كانَ أميرًا كبيرَ الشَان، عَظيمَ الاعْتِشانِ (٤)، وقد صانَ الله شَأْنَه عما شانَ، وهو أوّلُ مَنْ قَمَعَ اللهُ به البِدعةَ وأَرْكانَها، وَرَفَعَ به قواعدَ السُّنَّةِ وبُنْيانَها، ولما اسْتَقَرَّ في الولايةِ بَدَأَ أوّلاً بمنعِ آلِ سِنان وغيرِهم مِنَ الإماميةِ مِنْ التَّعَرُّضِ للأحكامِ الشَّرْعيةِ، وعُقودِ أَنْكِحةِ الرَّعِيَّةِ، وَرَدَّ الأمرَ بِأَسْرِهِ إلى أهلِ


(١) سورة الأعراف: ١١٨.
(٢) "نصيحة المشاور" ص ٢٥٨.
(٣) "المغانم المطابة " ٣/ ١٢٠٨.
(٤) اعتشن: قال برأيه. "القاموس": عشن.