للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مولى ابنِ عُمَرَ، وشهِدَ الخندقَ وما بعدها من المشاهِد، وقالَ: عُرِضْتُ يومَ أُحدٍ على النَبيّ -صلى الله عليه وسلم- وأنا ابنُ ثلاثَ عَشَرَةَ؛ فَجَعَلَ أبي يأْخُذُ بِيَدِي، فيقول: يا رسولَ الله إنَه عَبْلُ (١) العظام، وجعلَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصعِّدُ فِيَّ النَّظَرَ ويُصوِّبُه، ثمَّ قالَ (٢). "رُدَّه" فَرَدَّني.

وقالَ حَنْظَلَةُ بنُ أبي سُفْيانَ عن أشياخِه: لم يكن أحدٌ من أحداثِ الصَّحابةِ أعلمَ منه. وقالَ أبو نضرةَ: سمِعْتُه يقولُ: إنَّه دَخَلَ يومَ الحرَّةِ غارًا، فَدَخَلَ عليه فيه رَجُلٌ، ثم خَرَجَ، فقال له -لرجلٍ من أهل الشام-: أَدُلُّكَ على رجلٍ تَقْتُلُهُ، فلما انتهى الشاميُّ إلى بابِ الغارِ قال لأبي سعيدٍ -وفي عُنُقِ أبي سعيدٍ السَّيْفَ-: اخْرُج إليَّ. قال: لا أَخْرُج، وإِنْ تَدْخُلْ عليَّ أَقْتُلكَ، فَدَخَلَ الشاميُّ عليه؛ فَوَضَعَ أبو سعيدٍ السَّيْفَ، وقالَ: بُؤْ بإثْمِي وإثْمِكَ، وكُنْ مِنْ أصحابِ النَّارِ. قال: أبو سَعيدٍ أنتَ؟ قال: نَعَمْ. قال: فاسْتَغْفِرْ لي غَفَرَ اللهُ لَك.

وكان يَلْبَسُ الخَزَّ، ويُحْفِي شَارِبَهُ كأخي الحَلْق، ولا يَخْضِبُ. كانت لحيَتُهُ بَيْضَاءَ خضلاءَ (٣). وترجمتُه ومَناقِبُهُ تَحْتَمِلُ التَّطْويلَ، وقد عُزِيَ لأبي عُبَيْدٍ القاسِمِ بنِ سَلامٍ عَدُّهُ في أهلِ الصُّفَّةِ؛ فقال أبو نُعَيْمٍ (٤): وحالُه قريبٌ من حالِ أهلِها، وإِنْ


(١) أي: ضخم. "القاموس": عبل.
(٢) "الاستيعاب" ٤/ ٨٩.
(٣) أي: صافية، يعني: بيضاء بياضًا خالصًا. "أساس البلاغة"، خضل.
(٤) "حلية الأولياء" ١/ ٣٦٩.