للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في رِقابِهم لعُثْمانَ، وَكَتَبَ إليه فاسْتَعْمَلَه عليهم، وكان سَعيدٌ يَوْمَ الدّارِ مع عُثْمانَ يُقاتِلُ عنه، وَضَرَبَهُ رَجُلٌ ضَرْبَةً مَأْمُومَةً (١)، ولما خَرَجَ طَلْحَةٌ والزُبَيْرُ نَحْوَ البَصْرَةِ خَرَجَ معهم سَعيدٌ وَمَرْوانُ والمُغيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، فلما نَزَلُوا مَرَّ الظَّهْرانِ قام سَعيدٌ خَطيبًا، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ:

أمَّا بعدُ؛ فإنَّ عُثْمانَ عاش حَميدًا، وَخَرَجَ فُقِتَلَ شَهيدًا، فَضاعَفَ اللهُ له حَسَناتِه، وَقَدْ زَعَمْتُم أنَّكُم خَرَجْتُم تَطْلُبونَ بِدَمِهِ، فإنْ كُنْتُم تُريدون ذلك؛ فإنَّ قتلَةَ عُثْمانَ على صُدورِ هذه المَطِيِّ وَأَعْجازِها، فَمِيلُوا عليهم بِأَسْيَافِكُم.

فقال مَرْوانُ: لا، بل نَضْرِبُ بَعْضَهُم بِبَعْضِ، فَمَنْ قُتِلَ ظَفَرْنا به، وَيَبْقَى الباقِي فَنَطْلُبُه وَقَدْ وَهَى (٢).

وقام المغيرةُ فقال: الرَّأْيُ ما رَأَى سَعيدٌ، وَذَهَبَ إلى الطَّائِفِ، وَرَجَعَ سَعيدٌ بِمَنْ اتَّبَعَه، فلم يَزَلْ بِمَكَّةَ حتى مَضَتْ صِفِّينُ وَالجَمَلُ، واعْتَزَلَ عليًا وَمُعاوِيَةَ مِنْ عَقْلِهِ، فلمّا صَفَا الأَمْرُ لمُعاوِيَةَ وَفَدَ إليه، فَأَمَرَ له بِجائِزة عظيمةٍ، وَوَلَّاه إِمْرَةَ المدينةِ غَيْرَ مَرَّةٍ. وقيل لمُعاويةَ: مَنْ تَرَى لهذا الأَمْرِ بعدَك؟ قال: أمَّا كَريمَةُ قُرَيشٍ فَسَعيدٌ، وأمَّا فُلانٌ وَذَكَرَ جَمَاعَةً. وكان مَرْوانُ أَميرَ المدينَةِ سِتَّ سِنينَ، فَكانَ يَسُبُّ عَلِيًّا في الجُمَعِ، فلمَّا عُزِلَ واستُعمِلَ هذا كَفَّ عن ذلك. وفيه يقول الفَرَزْدَقُ (٣):


(١) شجَّةٌ مأمومةٌ: بلغت أُمَّ الرَّأس. "القاموس": أمم.
(٢) "تاريخ دمشق" ٢١/ ١١٢.
(٣) البيتان في "ديوانه" ٢/ ١٢٢ - ١٢٣، والجَحاجح: جمع جَحْجَحِ، وهو السيد السمح الكريم.