للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نِطاحهِ الفَرقدان (١)، فشَرُفتْ فيهِ بسيطةُ الثَّرَى، وافتخرتْ سَجاياهُ على ملوكِ الوَرَى، وتمكَّنَتْ محبتُهُ منَ القُلوبِ؛ فكانتْ أحلَى في القلوبِ منْ نيلِ المنى، وألذَّ في الأجْفانِ مِن سِنَة الكرَى، وصحّتْ أسانيدُ المدحِ إلى صِفاتهِ الزَّكيةِ، فلمْ يكنْ حديثًا يُفترَى، ووطِئَ قَواعدَ المجدِ في الممالك، وخَصَّ بهِ الحرمينِ الشَّريفينِ طَيبةَ وأمَّ القُرى، وانتشرَ فيهما مِنْ جميلِ آثارِهِ وأخْبارِهِ ما أشْبهَ الرَّوضَ الأُنُفَ (٢) منظرًا ومخبرًا، جمعَ بينَ شرفِ الملوكِ وشرفِ العُلماءِ، فكادتْ أسرةُ الملكِ تُشترَى لموطئِهِ وهي وَرِيْقَةٌ (٣) بقطرِ الماءِ. وكمْ لهُ منْ سعي أجملَ فيهِ لله رَواحًا وغُدوًّا، وكمْ أغْنَى وأقْنَى (٤) بِسيْبِهِ وسيفِهِ في طَوريِّ الميعادِ والإيعادِ وَلِيًّا وعَدُوًّا.

شرَّف (٥) الله بهِ ممالكَ طالمَا شرفتْ بأسلافِهِ، وعلَّم أهلَهَا كيفَ يُستخرجُ (٦) الدرُّ منْ أصدَافِهِ، وشَاهدُوا مِنْ عزَّتِهِ نضرةَ النَّعيمِ، وكادُوا يقولونَ عِندَ رُؤيتِهِ: {مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} (٧)، لهُ في الحرمِ المدنيِّ آثارٌ أبرزَ بهَا خَوَافِيَ المحامِدِ، وآثارٌ


(١) الفَرقدان، تثنية فرقد، وهو النجم الذي يُهتدى به. "القاموس": فرقد.
(٢) يقال: وطئت الإبل كلأ أُنفا، أي: مرعى لم يسبق فيه الرَّعي، ومنه الرُّوضُ الأُنُف: الذي لم يستفاد منه. "اللسان": أنف.
(٣) الوريقة: كثيرة الورق، والمراد النضوج والنضارة: ينظر: "القاموس" ورق.
(٤) في الأصل: وأفنى، والصواب ما أثبتناه من "المغانم". وأقنى: أكسبَ. "القاموس": قنا.
(٥) في الأصل: أشرق، والصواب ما أثبتناه من "الغانم".
(٦) في الأصل: تستخرج، والصواب ما أثبتناه من "المغانم".
(٧) سورة يوسف الآية ٣١.