للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واتَّفقَ أنْ دارتِ الدَّوائرُ على ذلك الرَّجلِ حتَّى أُخرجَ مِن جميعِ وظائفِه المتعلِّقةِ بالحرم، وكانت وفاةُ صاحبِ الترجمةِ في سنةِ أربعٍ وثلاثين وسبعِ مئةٍ، ظنًّا، ودُفنَ أمامَ بابِ قُبَّةِ سيدي إبراهيمَ عليه السلام.

وذكره المجد (١)، فقالَ: كانَ مِن الخدَّامِ الموصوفين بالدِّينِ المتين، والورعِ المكين، والسَّابقينَ إلى الخيراتِ الفاخرة، واللاحقين بالسَّالفينَ مِن أولئك الفِئةِ الزَّاهرة، كانَ مجتهدًا في البِدارِ إلى مباشرةِ الخدمةِ الشَّريفة، مُعتنيًا على الاستباقِ إلى تعليق القناديل، وما تعلَّقَ بها مِن وظيفة، وكانَ مِن أوَّلِ الدَّاخلينَ إلى المسجدِ للصَّلاة، والحائزينَ بها مِن مواهبِ الله أجزلَ الصِّلات.

لزمَ أُسَطوانةَ المهاجرين، وإليها أَلِف، وواظبَ على الصَّلاةِ إليها حتَّى بها عُرِف، بذلَ في طاعةِ الله الأيام، فليلَهُ قامَ، ونهارَه صامَ، وقويَ له بحبلِ الله الاعتصامُ، ولاقى أربابَ الدَّولةِ بصولةٍ أمضى من حدِّ الصَّمصام (٢)، وأمَّا في إطعامِ الطَّعام، وإكرامِ الأقوام؛ فقد فاقَ جميعَ أقرانِه من الخُدَّام، وتقدَّمَ عليهم في معازلِ المعارفِ بأقدام الإقدام، إذا جاءتْ نوبتُه أدهشَ الحاضرين بمفاخرِ الطعامِ والإدام، وغرائب الأطعمةِ التي لا توجد إلّا على خِوان (٣) الملوكِ العظام، فبقي اسمُه على


(١) "المغانم" ٣/ ١٢٢٠.
(٢) الصَّمصَام: السيفُ لا ينثني. "القاموس": صمم.
(٣) الخِوَان: ما يؤكل عليه الطعام. "القاموس": خون. يريد: السُّفْرَة.