للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بزهيرِ بنِ سليمانَ، ورامَ اقتحامَ المدينةِ، فجاءَ في سنةِ سبعٍ وستين بعسكرٍ كثيرٍ من الأشرافِ والعُربانِ، وتسوَّروا مِن سورِها ليلا، وأمرَ بعضَ صبيانِه بالجلوسِ على أبوابِ القضاةِ وأعيانِ الفقهاءِ، وكلُّ مَن خرجَ منهم لصلاةِ الصُّبحِ يُمسكونه، فحبسَهم اللهُ تعالى بمطرٍ غزيرٍ جِدًّا، بحيثُ سالتِ السُّيولُ، فلم يتمكَّنوا معه ممَّا راموه، فراحوا إلى الدَّربِ الصَّغيرِ، وكسروا القفلَ، ورموا الدِّرباسَ (١) في بئرٍ عندَه، وأصبحوا داخلَ المدينةِ تحتَ القلعةِ، ونهبوا بعضَ بيوتها، وكان بها أخٌ لمتولِّيها زهيرٍ، يقال له: إبراهيمُ، ومعه ابنُ عمِّه؛ فحاربوا جماعةَ ضُغيمٍ، وقتلوا منهم شريفًا بالسُّوقِ، وانجلى الأمر.

فلمَّا كانَ في سنةِ سبعين أُعيدَ ضُغيمٌ للإمرةِ دونَ ثلاثةِ أشهرٍ، وقيل: إنَّه حَسُنتْ سيرتُه، ثمَّ انفصلَ بزهيرٍ بعنايةِ صاحبِ الحجاز، فدامَ إلى سنةِ ثلاثٍ وسبعين، فراسلَ بعضُهم المصريينَ معَ بعضِ الفقهاءِ بالانتفاضِ عليه، فأُعيدَ ضُغيمٌ في أثنائِها بعدَ موتِ زهيرٍ في سنةِ أربعٍ وسبعين، فلما كانَ في سنةِ ثمان وسبعين جاءَ الشَّريفُ شامانُ أبو فارسٍ إلى المدينة، ونزلَ تحتَ جبلِ سَلعٍ (٢) بخيلِه ورَجِلِه (٣)، ويقال: إنَّ عددَ خيلِه زيادةٌ على خمس مئةٍ، يطالب بإقطاعه أميرَ المدينة؛ لكونِ ضُغيمٍ له سنين لم يُعطهِ شيئًا، فلم يلبثْ أن جاءه أمرُ صاحبِ


(١) الدِّرباس: هو القفل.
(٢) من جبال المدينة التاريخية المعروفة. ينظر: "المغانم" ٢/ ٨٤٦
(٣) الرَّجِلُ: من لم يكن له ظهرٌ يركبه. "القاموس": رجل.