للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحِجازِ التي من جِهةِ ناظرِ الخاصِّ للعقَبةِ، فما دونَها.

وأقبَلَ على التَّحصِيلِ، فكانَ يُسافرُ مع الصَّبرِ (١)، ويأتمنُه النَّاسُ في استصْحابِ ودائعِهِم ومتاجرِهِم ونحوِها معهُ، ويخدمُ قاضيَ مكَّةَ بشِراءِ ما يحتاجُ إليهِ مِنَ القاهرةِ، وحَمْلِ ما يرسلهُ لأهلِهَا، وتَزايَدَ اختصاصُه به، فاتسعتْ دائرتُهُ سِيمَا حينَ تولَّى زكريا القضاءَ، ولكنَّهُ لما رأى الاختلافَ، والاختلالَ في جماعتِهِ، واختِصاصَ مَنْ شاءَ اللهُ مِنهم عنهُ، قَطَنَ مَكَّةَ مِنْ سنةِ ثمانٍ وثمانينَ، وكانَ ابتداءُ تردُّدِهِ لها مِنْ سنةِ أربعٍ وستينَ، وصارَ يتَّجِرُ بجاهِ القاضِي، ويعاملُ، ويُقارضُ، ونحو ذلكَ مِنْ طرقِ الاستكثارِ (٢)، وتزايدَ خوفُه حينَ التَّرسيمِ على جماعةِ القاضِي، وصارَ خائفًا يترقَّبُ، سِيَّما وكانَ يكثِرُ مِنْ قولِهِ: إنَّ معهُ أموالَ اليتامَى، أو نحوَ ذلكَ مِمَّا يُبَعِّدُ بهِ عنْ نفسِهِ الكثرةَ، أو هو على حَقيقتِهِ.

ثُمَّ إنَّهُ تحوَّلَ إلى المدينةِ النَّبويَّةِ، واشترى بِهَا في سنةِ تسعِ مئةٍ مِنْ عبدِ الكافي النِّفطيِّ دارَه -التِي عَمَّرَ نصفَهَا، وعجَزَ فيما قال عَنْ إكمالِهَا- بثلاثِ مئةٍ وخمسينَ دينارًا، وشَرعَ في إِكمالِهَا، واشترَى، أيضًا حديقةً، وصارَ يعامِلُ ويضارِبُ كعادتِهِ، وهو في اليبس بمكانٍ إلّا معَ مَنْ يتوصلُ مِنه، أو بهِ للدُّنيا الخسِيسَةِ الشَّأنِ.


(١) في "الضوء اللامع": الصر.
(٢) في المخطوطة: الاستكبار، والتصويب من "الضوء اللامع".