للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كراريسَ منهُ، وفيه تحقيقٌ، ومتانةٌ.

وكان ذا حظٍّ من العبادَةِ والمروءةِ، والسَّعيِ في حوائجِ الغرباءِ، خُصوصًا أهل الحِجازِ. وقد وَلِيَ قضاءَ المدِينةِ [النَّبويَّةِ] بعدَ شهابِ الدِّينِ السلاوي (١)، ولم تتهيأْ له مباشرتُهُ بنَفسِهِ، بل نابَ عنهُ القاضي ناصرُ الدِّينِ أبو الفرجِ عبدُ الرَّحمن بنُ محمَّدِ بنِ صالحٍ، ثُمَّ عزلَ بهِ وكذا استقرَّ سنةَ ثلاثٍ وثمان مئة في تدريسِ المنصوريَّةِ (٢)، ونظرِ الظاهريةِ (٣) القديمةِ ودرسِها، فعمرهَا أحسنَ عمارةٍ، وحُمدَ على ما كان مِن (٤) مباشرتِهَا بنفسِهِ، بل نابَ عنهُ القاضِي. وجاورَ بِمَكَّةَ، وصنَّفَ بها تَصنيفًا يتعلَّقُ بالمقامِ. قالَ شيخُنا (٥): وكنتُ أودُّهُ ويودُّنِي، وسمعتُ بقراءته، وسمعَ بقراءتِي. وماتَ بالقاهرةِ في رجب سنةَ ثمانٍ وثمان مبة عن ثلاثٍ وخمسينَ سنةً وأسفتُ عليهِ جدًا. وقد سُئل في مرضِ موتِهِ أن ينزِلَ عن بعضِ وظائِفِهِ لبعضِ مَن يُحبُّهُ من رفقته فقال: لا أتقلدُها حيَّا وميتًا.


(١) أحمدُ بنُ محمَّدٍ السلاويُّ، الدمشقيُّ، شهاب الدين الشافعي، توفي سنة ٨١٣ هـ. "المجمع المؤسس" ٣/ ٧٦.
(٢) المدرسة المنصورية: إحدى المدارس الثلاثة التي أنشأها ملوك اليمن بمكة المكرمة، وهي: المجاهدية، والمنصورية، والأفضلية. "العقد الثمين" ١/ ٣٠١.
(٣) المدرسة الظاهرية البرقوقية، أنشأها الظاهر برقوق، عام ٧٨٨ هـ، ورتب بها دروسًا في المذاهب لأربعة، ودرسًا في الحديث والقراءات. "معجم سلاطين المماليك" ٣/ ٥٧.
(٤) في المخطوط: ما في، والمثبت هو الصواب.
(٥) "إنباء الغمر" ٥/ ٣٢٦.