للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شديدَ التَّصميم في الأمورِ التي تتَّصل به مما يتعلقُ بتصرُّفِهِ، وأمَّا دفعُ الظُّلمِ عن النَّاسِ مِن حواشي السلطان فقليلُ الكَلامِ فيه، ثمَّ أضيفَ إليهِ أوقافٌ كثيرةٌ.

وكانَ السُّلطانُ قد أغدقَ الوِلاياتِ في الممالك بِمن يُعَيِّنه، غيرَ أنَّه كانت فيه عَجَلةٌ في الجوابِ عن أمورٍ متعلِّقَةٍ بالمنصِبِ، تؤدِّي إلى الضَّررِ غالبًا به وبِغيرِه، ولم يكن فيه حِذق يَهتدِي به لما فيه نفعُ مَنْ يستحقُّ النَّفعَ، بل أمورُه صعبة بحسب الوسائطِ بخيرٍ أو شرٍّ، ثمَّ انفصلَ عن المنصِب سنة تسعٍ وخمسين، ثُمَّ أُعيدَ بعدَ نحوِ ثمانين يومًا لزوالِ رأسِ مَن توسَّطَ في عزلِهِ، ممَّن كانَ عاقبتُهم في عزلِهِ من أشرِّ العواقِبِ.

ثُمَّ إنَّهُ استَعْفَى في جُمادى الأولى سنةَ ستٍّ وستين، وحملَ معهُ ختمةً شريفةً للتوسُّل بها، فأُعفي، ثمَّ بعدَ أنْ ذهبَ إلى منزله ألحُّوا عليه في العَود، وركبَ إليهِ صاحبُ الأمرِ إذ ذاك، فلم يُجب، قالهُ الإسنويُّ (١).

وإنَّهم استقضَوا عوضَهُ بإشارتهِ بالتَّاجِ محمَّدِ بن إسحاقَ المناويِّ (٢).

وتوجَّهَ إلى الحجازِ فحجَّ مِرارًا، وجاورَ بالمدينة، وحدَّثَ بـ"مناسكِهِ" (٣)، و "مختصرهِ للسيرة"، و "بجزءٍ في قباء"، وبغيرِ ذلك، وعمَّرَ الوقت، وكذا حدَّثَ


(١) "طبقات الشافعية" ١/ ١٨٦.
(٢) "محمَّدُ بنُ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ السلميُّ، المناويُّ الشافعيُّ، تاج الدين القاضي، مات سنة ٧٦٥ هـ، "الدرر الكامنة " ٣/ ٣٨٠.
(٣) "المناسك الكبرى" وهي مطبوعة بتحقيق د. نور الدين العتر، باسم "هداية السالك إلى مذاهب الأئمة الأربعة في المناسك ".