للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السِّردابِ أدبًا، ويقفُ بمكانٍ، فاتَّفقَ أنَّه رأى الخليلَ عليه السَّلامُ في المنامِ، وأمرَه بزيارةِ بنيه (١) بعدَ أنْ كانَ عزمَ على التَّركِ حينَ رأى عِدَّةَ الجمعِ الذي لا يحصلُ له معه توجهٌ (٢)، فامتثلَ، وكانَ في سنةِ خمسٍ وستين والتي تليها بتلكَ النَّواحي لم يحجَّ في أوَّلِ السِّتين، وعادَ لمكَّةَ وقد تمكَّنَ مِن العرفانِ، وتفنَّنَ في طرقِ الإرشادِ والبيان، فانقطعَ بها في ذلكَ وهو مُقِلٌّ مِن الدُّنيا، ولم يخرجْ منها لغيرِ (٣) الزِّيارةِ النَّبويةِ، وخالطَ بعضَ الأئمةِ، وأكثرَ بمكَّةَ مِن الانجماعِ والسُّكونِ، معَ مزيدِ العبادةِ، والقوَّةِ، وحُسنِ العِشرةِ والخبرةِ (٤) التامَّةِ، والفَهمِ الجيِّدِ، فصارَ بهذهِ الأوصافِ إلى شُهرةٍ وجلالةٍ، وانتشرَ أمرُه، وظهرَ ذِكرُه، وارتقَى في الحالِ، وصارتْ له دورٌ (٥) بمكَّةَ، ومِنىً، وجُدَّةَ، بل أنشأَ بالمعلاةِ تربةً لزوجتِه بني راحاتٍ، وكانتْ تذكرُ بمالٍ [جزيلٍ]، فاستمرَّ يتجرَّعُ بها الابتلاءَ معَ غيرِها حتَّى ماتتْ، وتمكَّن مِن تعلُّقِها.

ورغبَ في لقائِه جماعةٌ مِن الفضلاءِ، وأثنوا عليه، وأقرأَ في التَّصوُّفِ، بل حدَّثَ بـ "صحيح مسلم"، وعدَّةٍ، وربَّما أقرأ "التائية"، ونحوَها، مع إنكارِه على المطالعينَ لكلامِ ابنِ عربيٍّ، وكنتُ ممَّنْ جالسَه، وسمعتُ كلامَه، وتودَّدَ بي، وكتبَ


(١) هكذا في الأصل، ولعلَّ الصواب بيته.
(٢) في الأصل: يوم، والمثبت من "الضوء".
(٣) في المخطوطة: بعد، وهو خطأ.
(٤) في الأصل: وأخذ، والمثبت من "الضوء".
(٥) تحرَّفت في الأصل إلى: ور، والمثبت من "الضوء".